❞ رواية غورا ❝  ⏤ رابندرانات طاغور

❞ رواية غورا ❝ ⏤ رابندرانات طاغور

رواية غورا – رابندرانات طاغور
في الروايات العالمية المترجمة

يبحث كاتب الهند الكبير رابندرانات طاغور في روايته الطويلة «غورا»، والتي كتبها عام 1880 عن هوية أمّته الضائعة بين طوائف ومذاهب، والتي كانت تعاني في تلك الفترة من الجهل والتخلّف.

وتعكس شخصية بطل روايته المسمّاة بِاسمه «غورا»، ذلك الباحث عن وسائل ناجعة لرفع ثقل التقاليد الخاطئة عن كاهل المجتمع واللحاق بركب الأمم المتقدّمة.

يركّز طاغور في روايته التي ترجمتها الدكتورة ماري شهرستان في كتاب صدر مؤخّرا عن «الهيئة العامة السورية للكتاب»، وتقع في 630 صفحة من القطع الكبير، على التعصّب الديني، ويجعل بطلها «غورا» نموذجاً للإنسان المستنير الذي لا يرى فوارق بين أبناء الأمّة الواحدة طالما تجمعهم الهوية ذاتها. ويقول على لسان «غورا» في الرواية: الله خلق البشر مختلفين في أفكارهم وسلوكهم وقناعاتهم وتقاليدهم، ولدى الجميع عنصر أمتلكه أنا أيضاً، وهو ينتمي إلى الهند بمجموعها.

ويعتبر طاغور كما تقول المترجمة سليلاً لعائلة أسّست مذهب «براهمو ساماج» الذي ظهر كحركة إصلاح دينيّ، وهو في روايته ينتقد التعصب الذي وقعت فيه هذه الحركة وخروجها عن المقاصد التي قامت من أجلها، ويمثّل لهذا التعصب كما صوّره بروايته برفض زواج «لوليتا» البراهمية من «بينوى» الهندوسي واعتبار هذا الزواج فضيحة اجتماعية، لأن الزواج لن يتم وفق الطقوس الـ«براهمو ساماجية». وهذا الانغلاق الذي وصلت إليه حركة قام أباؤه بتأسيسها، يعتبره طاغور في روايته رأس حربة التخلف التي طعنت الجسد الهندي في كل أنحائه.

ويكشف طاغور كما جاء في مقدّمة المترجمة عبر حوارات أبطاله حالة التعصّب الطائفي والمذهبي التي كانت متفشية في الهند، خصوصاً التعصّب الذي عبّر عنه «كريشنادايا ل»، من شخصيات الرواية، وهو هندوسي تقليدي يعمل موظفاً إدارياً، والذي سعى إلى الوقوف في وجه محاولات «غورا» الإصلاحية، حتى أنه يمنعه من المشاركة في مراسم التطّهر الهندوسية لأنه من أصول إيرلندية، وكان «غورا» يجهل ذلك حتى نهاية الرواية، على رغم أنّ «كريشنادايا ل» وعائلته هم من تبنّوا «غورا» وربّوه وعلّموه حتى أصبح هندوسياً.

وبطل الرواية «غورا» الذي حصل على الرعاية والاهتمام من العائلة الهندوسية التي ربّته وحصل على تعليم عالٍ واكتسب شخصية قوية تتميّز بالصلابة، جعلته يقف ضد الاحتلال الانكليزي للهند، لأنه مقتنع بثوابت لا يحيد عنها قيد أنملة ولا يقبل أيّ مراوغات أو مهادنات فكرية، آراؤه قطعية ولكنه يملك الحجج المقنعة للدفاع عنها. إذ يقول في الرواية: هدفي ومرامي الهند، مهما وُجّه لها من انتقادات، لا أضع أيّ شخص فوقها لا أنت ولا أنا ولا أحد آخر. أرفض أن أقوم بأيّ حركة تبعدني عنها شعرة.

التجارب التي يعيشها «غورا» مع البسطاء في الأرياف، والعنف الذي يلاقونه من المحتل، والسجن الذي يتقاسمه معهم، كل ذلك يجعل منه زعيماً وطنياً. ويؤسّس حزباً يدعى «جمعية الوطنيين الهندوسيين»، لكنه يؤمن أنه لا يمكن لأحد في الهند متعدّدة المذاهب أن يفرض سلطة مذهبه على الآخرين وينتقد من يعتبر أن خلاص الإنسانية لن يكون إلا بدين معين يجب الانتماء إليه.

ويرافق «غورا» في الرواية صديقه الحميم «بينوى» الذي قاسمه اليتم وتأثر بآرائه ووجد الصداقة الحقيقية بعلاقته بـ«غورا» الذي درس معه في الجامعة ويخوض معه رحلته وتجاربه.

وفي الشخصيات النسائية، يقدّم طاغور «لوليتا» الشابة المتأثرة بتربية والدها «باريش شاندرا»، وهو الشخصية العاقلة والوقورة في الرواية والأب الحنون الذي يبدي انفتاحاً بالتعامل مع الطوائف الأخرى. لكن «لوليتا» ابنة الـ«براهمو ساماج» ترفض أن يغيّر «بينوى» الهندوسي التقليدي ديانته من أجل الزواج بها. فهي ترى أنّ علاقة الإنسان بمجتمعه ومعتقداته وديانته لا يمكن أن تقطع من أجل الارتباط بإنسان آخر.

في حين نجد الشابة «سوشاريتا» اليتيمة المستقلة مادياً والحرّة من ناحية الدين والرأي والسلوك، تعيش حالة صراع بين حبها لـ«غورا» والامتثال لرغبة خالتها «هاريمو هيني» الهندوسية المتعصّبة التي ترغب بتزويجها من قريب لها وترفض علاقة الحب التي تربطها بـ«غورا».

وتتوقف الرواية عند نقد التأليه الأعمى للعادات والتقاليد الذي كان يفرض سيطرته على المجتمع الهندي، ويسبّب له الشقاء الكبير، ويتناول الجدل الذي يدور بين الديانات على اختلافها وموقف المجتمع الهندي من الاستعمار البريطاني ومعوقات التفاعل الاجتماعي والسياسي بين الطوائف والمذاهب.

وينصبّ جزء كبير من الرواية على دور المرأة في المجتمع الهندي وتطوّرها، ويسخر من التمييز بين النساء والرجال على أسس مختلفة. ويقول طاغور في روايته: كلّما أبعدنا المرأة وحرمناها دورها في حياتنا ضعفت قدرتنا كإنسان.

وعلى رغم كلّ ما قدّمه طاغور في روايته والتي كانت صدى لأفكاره التي عبّر عنها «غورا»، إلّا أنّ هذا لم يجعل منها كتاباً فكرياً، فالشخصيات أخّاذة تحمل مشاعر مركّبة ومتناقضة. وأسلوب الرواية ممتع ومشوّق يقدّم صوراً عن الحبّ والصداقة التي تتجاوز حدود الطائفة والمذهب وتتقاطع حيواتها بشكل أسر في ما بينها في تلك البقعة الجغرافية المليئة بالتناقضات وهي بلاد البنغال.
رابندرانات طاغور - مسرحي و روائي بنغالي. ولد عام 1861 في كالكوتا "الهند" وتلقى تعليمه في منزل الأسرة على يد أبيه ديبندرانات وأشقائه ومدرس يدعى دفيجندرانات الذي كان عالماً وكاتباً مسرحياً وشاعراً وكذلك درس رياضة الجودو.
درس طاغور اللغة السنسكريتية لغته الأم وآدابها واللغة الإنجليزية؛ ونال جائزة نوبل في الآداب عام 1913 وأنشأ مدرسة فلسفية معروفة باسم فيسفا بهاراتي أو الجامعة الهندية للتعليم العالي في عام 1918 في إقليم شانتي نيكتان غرب البنغال.
أسس لنفسه إمبراطورية مالية ضخمة، وكان آل طاغور رواد حركة النهضة البنغالية إذ سعوا إلى الربط بين الثقافة الهندية التقليدية والأفكار والمفاهيم الغربية. ولقد أسهم معظم أشقاء طاغور، الذين عرفوا بتفوقهم العلمي والأدبي في إغناء الثقافة والأدب والموسيقى البنغالية بشكل أو بآخر، وإن كان روبندرونات طاغور، هو الذي اكتسب في النهاية شهرة كأديب وإنسان، لكونه الأميز والأكثر غزارة وتنوعا، وإنتاجاً.


❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ بنوديني ❝ ❞ غورا ❝ ❞ ذكرياتي ❝ ❞ قرابين الغناء ❝ ❞ روائع فى المسرح والشعر ❝ ❞ المنبوذ ❝ الناشرين : ❞ دار أطياف للنشر والتوزيع ❝ ❞ المركز القومي للترجمة ❝ ❞ المدى للإعلام والثقافة والفنون ❝ ❞ الهيئة العامة السورية للكتاب ❝ ❞ المجمع الثقافي - أبو ظبي ❝ ❱
من روايات وقصص عالمية - مكتبة القصص والروايات والمجلّات.

نبذة عن الكتاب:
غورا

2015م - 1445هـ
رواية غورا – رابندرانات طاغور
في الروايات العالمية المترجمة

يبحث كاتب الهند الكبير رابندرانات طاغور في روايته الطويلة «غورا»، والتي كتبها عام 1880 عن هوية أمّته الضائعة بين طوائف ومذاهب، والتي كانت تعاني في تلك الفترة من الجهل والتخلّف.

وتعكس شخصية بطل روايته المسمّاة بِاسمه «غورا»، ذلك الباحث عن وسائل ناجعة لرفع ثقل التقاليد الخاطئة عن كاهل المجتمع واللحاق بركب الأمم المتقدّمة.

يركّز طاغور في روايته التي ترجمتها الدكتورة ماري شهرستان في كتاب صدر مؤخّرا عن «الهيئة العامة السورية للكتاب»، وتقع في 630 صفحة من القطع الكبير، على التعصّب الديني، ويجعل بطلها «غورا» نموذجاً للإنسان المستنير الذي لا يرى فوارق بين أبناء الأمّة الواحدة طالما تجمعهم الهوية ذاتها. ويقول على لسان «غورا» في الرواية: الله خلق البشر مختلفين في أفكارهم وسلوكهم وقناعاتهم وتقاليدهم، ولدى الجميع عنصر أمتلكه أنا أيضاً، وهو ينتمي إلى الهند بمجموعها.

ويعتبر طاغور كما تقول المترجمة سليلاً لعائلة أسّست مذهب «براهمو ساماج» الذي ظهر كحركة إصلاح دينيّ، وهو في روايته ينتقد التعصب الذي وقعت فيه هذه الحركة وخروجها عن المقاصد التي قامت من أجلها، ويمثّل لهذا التعصب كما صوّره بروايته برفض زواج «لوليتا» البراهمية من «بينوى» الهندوسي واعتبار هذا الزواج فضيحة اجتماعية، لأن الزواج لن يتم وفق الطقوس الـ«براهمو ساماجية». وهذا الانغلاق الذي وصلت إليه حركة قام أباؤه بتأسيسها، يعتبره طاغور في روايته رأس حربة التخلف التي طعنت الجسد الهندي في كل أنحائه.

ويكشف طاغور كما جاء في مقدّمة المترجمة عبر حوارات أبطاله حالة التعصّب الطائفي والمذهبي التي كانت متفشية في الهند، خصوصاً التعصّب الذي عبّر عنه «كريشنادايا ل»، من شخصيات الرواية، وهو هندوسي تقليدي يعمل موظفاً إدارياً، والذي سعى إلى الوقوف في وجه محاولات «غورا» الإصلاحية، حتى أنه يمنعه من المشاركة في مراسم التطّهر الهندوسية لأنه من أصول إيرلندية، وكان «غورا» يجهل ذلك حتى نهاية الرواية، على رغم أنّ «كريشنادايا ل» وعائلته هم من تبنّوا «غورا» وربّوه وعلّموه حتى أصبح هندوسياً.

وبطل الرواية «غورا» الذي حصل على الرعاية والاهتمام من العائلة الهندوسية التي ربّته وحصل على تعليم عالٍ واكتسب شخصية قوية تتميّز بالصلابة، جعلته يقف ضد الاحتلال الانكليزي للهند، لأنه مقتنع بثوابت لا يحيد عنها قيد أنملة ولا يقبل أيّ مراوغات أو مهادنات فكرية، آراؤه قطعية ولكنه يملك الحجج المقنعة للدفاع عنها. إذ يقول في الرواية: هدفي ومرامي الهند، مهما وُجّه لها من انتقادات، لا أضع أيّ شخص فوقها لا أنت ولا أنا ولا أحد آخر. أرفض أن أقوم بأيّ حركة تبعدني عنها شعرة.

التجارب التي يعيشها «غورا» مع البسطاء في الأرياف، والعنف الذي يلاقونه من المحتل، والسجن الذي يتقاسمه معهم، كل ذلك يجعل منه زعيماً وطنياً. ويؤسّس حزباً يدعى «جمعية الوطنيين الهندوسيين»، لكنه يؤمن أنه لا يمكن لأحد في الهند متعدّدة المذاهب أن يفرض سلطة مذهبه على الآخرين وينتقد من يعتبر أن خلاص الإنسانية لن يكون إلا بدين معين يجب الانتماء إليه.

ويرافق «غورا» في الرواية صديقه الحميم «بينوى» الذي قاسمه اليتم وتأثر بآرائه ووجد الصداقة الحقيقية بعلاقته بـ«غورا» الذي درس معه في الجامعة ويخوض معه رحلته وتجاربه.

وفي الشخصيات النسائية، يقدّم طاغور «لوليتا» الشابة المتأثرة بتربية والدها «باريش شاندرا»، وهو الشخصية العاقلة والوقورة في الرواية والأب الحنون الذي يبدي انفتاحاً بالتعامل مع الطوائف الأخرى. لكن «لوليتا» ابنة الـ«براهمو ساماج» ترفض أن يغيّر «بينوى» الهندوسي التقليدي ديانته من أجل الزواج بها. فهي ترى أنّ علاقة الإنسان بمجتمعه ومعتقداته وديانته لا يمكن أن تقطع من أجل الارتباط بإنسان آخر.

في حين نجد الشابة «سوشاريتا» اليتيمة المستقلة مادياً والحرّة من ناحية الدين والرأي والسلوك، تعيش حالة صراع بين حبها لـ«غورا» والامتثال لرغبة خالتها «هاريمو هيني» الهندوسية المتعصّبة التي ترغب بتزويجها من قريب لها وترفض علاقة الحب التي تربطها بـ«غورا».

وتتوقف الرواية عند نقد التأليه الأعمى للعادات والتقاليد الذي كان يفرض سيطرته على المجتمع الهندي، ويسبّب له الشقاء الكبير، ويتناول الجدل الذي يدور بين الديانات على اختلافها وموقف المجتمع الهندي من الاستعمار البريطاني ومعوقات التفاعل الاجتماعي والسياسي بين الطوائف والمذاهب.

وينصبّ جزء كبير من الرواية على دور المرأة في المجتمع الهندي وتطوّرها، ويسخر من التمييز بين النساء والرجال على أسس مختلفة. ويقول طاغور في روايته: كلّما أبعدنا المرأة وحرمناها دورها في حياتنا ضعفت قدرتنا كإنسان.

وعلى رغم كلّ ما قدّمه طاغور في روايته والتي كانت صدى لأفكاره التي عبّر عنها «غورا»، إلّا أنّ هذا لم يجعل منها كتاباً فكرياً، فالشخصيات أخّاذة تحمل مشاعر مركّبة ومتناقضة. وأسلوب الرواية ممتع ومشوّق يقدّم صوراً عن الحبّ والصداقة التي تتجاوز حدود الطائفة والمذهب وتتقاطع حيواتها بشكل أسر في ما بينها في تلك البقعة الجغرافية المليئة بالتناقضات وهي بلاد البنغال. .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

رواية غورا – رابندرانات طاغور

 في الروايات العالمية المترجمة

يبحث كاتب الهند الكبير رابندرانات طاغور في روايته الطويلة «غورا»، والتي كتبها عام 1880 عن هوية أمّته الضائعة بين طوائف ومذاهب، والتي كانت تعاني في تلك الفترة من الجهل والتخلّف.

وتعكس شخصية بطل روايته المسمّاة بِاسمه «غورا»، ذلك الباحث عن وسائل ناجعة لرفع ثقل التقاليد الخاطئة عن كاهل المجتمع واللحاق بركب الأمم المتقدّمة.

يركّز طاغور في روايته التي ترجمتها الدكتورة ماري شهرستان في كتاب صدر مؤخّرا عن «الهيئة العامة السورية للكتاب»، وتقع في 630 صفحة من القطع الكبير، على التعصّب الديني، ويجعل بطلها «غورا» نموذجاً للإنسان المستنير الذي لا يرى فوارق بين أبناء الأمّة الواحدة طالما تجمعهم الهوية ذاتها. ويقول على لسان «غورا» في الرواية: الله خلق البشر مختلفين في أفكارهم وسلوكهم وقناعاتهم وتقاليدهم، ولدى الجميع عنصر أمتلكه أنا أيضاً، وهو ينتمي إلى الهند بمجموعها.

ويعتبر طاغور كما تقول المترجمة سليلاً لعائلة أسّست مذهب «براهمو ساماج» الذي ظهر كحركة إصلاح دينيّ، وهو في روايته ينتقد التعصب الذي وقعت فيه هذه الحركة وخروجها عن المقاصد التي قامت من أجلها، ويمثّل لهذا التعصب كما صوّره بروايته برفض زواج «لوليتا» البراهمية من «بينوى» الهندوسي واعتبار هذا الزواج فضيحة اجتماعية، لأن الزواج لن يتم وفق الطقوس الـ«براهمو ساماجية». وهذا الانغلاق الذي وصلت إليه حركة قام أباؤه بتأسيسها، يعتبره طاغور في روايته رأس حربة التخلف التي طعنت الجسد الهندي في كل أنحائه.

ويكشف طاغور كما جاء في مقدّمة المترجمة عبر حوارات أبطاله حالة التعصّب الطائفي والمذهبي التي كانت متفشية في الهند، خصوصاً التعصّب الذي عبّر عنه «كريشنادايا ل»، من شخصيات الرواية، وهو هندوسي تقليدي يعمل موظفاً إدارياً، والذي سعى إلى الوقوف في وجه محاولات «غورا» الإصلاحية، حتى أنه يمنعه من المشاركة في مراسم التطّهر الهندوسية لأنه من أصول إيرلندية، وكان «غورا» يجهل ذلك حتى نهاية الرواية، على رغم أنّ «كريشنادايا ل» وعائلته هم من تبنّوا «غورا» وربّوه وعلّموه حتى أصبح هندوسياً.

وبطل الرواية «غورا» الذي حصل على الرعاية والاهتمام من العائلة الهندوسية التي ربّته وحصل على تعليم عالٍ واكتسب شخصية قوية تتميّز بالصلابة، جعلته يقف ضد الاحتلال الانكليزي للهند، لأنه مقتنع بثوابت لا يحيد عنها قيد أنملة ولا يقبل أيّ مراوغات أو مهادنات فكرية، آراؤه قطعية ولكنه يملك الحجج المقنعة للدفاع عنها. إذ يقول في الرواية: هدفي ومرامي الهند، مهما وُجّه لها من انتقادات، لا أضع أيّ شخص فوقها لا أنت ولا أنا ولا أحد آخر. أرفض أن أقوم بأيّ حركة تبعدني عنها شعرة.

التجارب التي يعيشها «غورا» مع البسطاء في الأرياف، والعنف الذي يلاقونه من المحتل، والسجن الذي يتقاسمه معهم، كل ذلك يجعل منه زعيماً وطنياً. ويؤسّس حزباً يدعى «جمعية الوطنيين الهندوسيين»، لكنه يؤمن أنه لا يمكن لأحد في الهند متعدّدة المذاهب أن يفرض سلطة مذهبه على الآخرين وينتقد من يعتبر أن خلاص الإنسانية لن يكون إلا بدين معين يجب الانتماء إليه.

ويرافق «غورا» في الرواية صديقه الحميم «بينوى» الذي قاسمه اليتم وتأثر بآرائه ووجد الصداقة الحقيقية بعلاقته بـ«غورا» الذي درس معه في الجامعة ويخوض معه رحلته وتجاربه.

وفي الشخصيات النسائية، يقدّم طاغور «لوليتا» الشابة المتأثرة بتربية والدها «باريش شاندرا»، وهو الشخصية العاقلة والوقورة في الرواية والأب الحنون الذي يبدي انفتاحاً بالتعامل مع الطوائف الأخرى. لكن «لوليتا» ابنة الـ«براهمو ساماج» ترفض أن يغيّر «بينوى» الهندوسي التقليدي ديانته من أجل الزواج بها. فهي ترى أنّ علاقة الإنسان بمجتمعه ومعتقداته وديانته لا يمكن أن تقطع من أجل الارتباط بإنسان آخر.

في حين نجد الشابة «سوشاريتا» اليتيمة المستقلة مادياً والحرّة من ناحية الدين والرأي والسلوك، تعيش حالة صراع بين حبها لـ«غورا» والامتثال لرغبة خالتها «هاريمو هيني» الهندوسية المتعصّبة التي ترغب بتزويجها من قريب لها وترفض علاقة الحب التي تربطها بـ«غورا».

وتتوقف الرواية عند نقد التأليه الأعمى للعادات والتقاليد الذي كان يفرض سيطرته على المجتمع الهندي، ويسبّب له الشقاء الكبير، ويتناول الجدل الذي يدور بين الديانات على اختلافها وموقف المجتمع الهندي من الاستعمار البريطاني ومعوقات التفاعل الاجتماعي والسياسي بين الطوائف والمذاهب.

وينصبّ جزء كبير من الرواية على دور المرأة في المجتمع الهندي وتطوّرها، ويسخر من التمييز بين النساء والرجال على أسس مختلفة. ويقول طاغور في روايته: كلّما أبعدنا المرأة وحرمناها دورها في حياتنا ضعفت قدرتنا كإنسان.

وعلى رغم كلّ ما قدّمه طاغور في روايته والتي كانت صدى لأفكاره التي عبّر عنها «غورا»، إلّا أنّ هذا لم يجعل منها كتاباً فكرياً، فالشخصيات أخّاذة تحمل مشاعر مركّبة ومتناقضة. وأسلوب الرواية ممتع ومشوّق يقدّم صوراً عن الحبّ والصداقة التي تتجاوز حدود الطائفة والمذهب وتتقاطع حيواتها بشكل أسر في ما بينها في تلك البقعة الجغرافية المليئة بالتناقضات وهي بلاد البنغال.

 

روبندرونات طاغور (بنغالية: রবীন্দ্রনাথ ঠাকুর، تلفظ [ɾobin̪d̪ɾonat̪ʰ ʈʰakuɾ]شاعر و مسرحي و روائي بنغالي. ولد عام 1861 في القسم البنغالي من مدينة كالكتا وتلقى تعليمه في منزل الأسرة على يد أبيه ديبندرانات وأشقائه ومدرس يدعى دفيجندرانات الذي كان عالماً وكاتباً مسرحياً وشاعراً وكذلك درس رياضة الجودو.

درس طاغور اللغة السنسكريتية لغته الأم وآدابها واللغة الإنجليزية؛ ونال جائزة نوبل في الآداب عام 1913 وأنشأ مدرسة فلسفية معروفة باسم فيسفا بهاراتي أو الجامعة الهندية للتعليم العالي في عام 1918 في إقليم شانتي نيكتان غرب البنغال.

ولد روبندرونات في كالكوتا في الهند في السابع من مايو عام 1861 لأسرة ميسورة من طبقة البراهما الكهنوتية. والده روبندرونات طاغور كان مصلحاً اجتماعياً ودينياً معروفاً وسياسياً ومفكراً بارزاً. أما والدته سارادا ديفي فقد أنجبت 12 ولداً وبنتاً قبل أن ترزق بطاغور. ولعل كثرة البنين والبنات حالت دون أن يحظى طاغور رغم أنه أصغر أشقائه سناً بالدلال الكافي. كانت الأسرة معروفة بتراثها ورفعة نسبها، حيث كان جد طاغور قد أسس لنفسه إمبراطورية مالية ضخمة، وكان آل طاغور رواد حركة النهضة البنغالية إذ سعوا إلى الربط بين الثقافة الهندية التقليدية والأفكار والمفاهيم الغربية. ولقد أسهم معظم أشقاء طاغور، الذين عرفوا بتفوقهم العلمي والأدبي في إغناء الثقافة والأدب والموسيقى البنغالية بشكل أو بآخر، وإن كان روبندرونات طاغور، هو الذي اكتسب في النهاية شهرة كأديب وإنسان، لكونه الأميز والأكثر غزارة وتنوعا، وإنتاجاً.

لم ينتظم طاغور في أي مدرسة فتلقى معظم تعليمه في البيت على أيدي معلمين خصوصين، وتحت إشراف مباشر من أسرته، التي كانت تولي التعليم والثقافة أهمية كبرى. اطلع طاغور منذ الصغر على العديد من السير ودرس التاريخ والعلوم الحديثة وعلم الفلك واللغة السنسكريتية.

وقرأ في الشعر البنغالي ودرس قصائد كاليداسا، وبدأ ينظم الشعر في الثامنة. وفي السابعة عشر من العمر أرسله والده إلى إنجلترا لاستكمال دراسته في الحقوق، حيث التحق بكليةلندن الجامعية، لكنه مالبث أن انقطع عن الدراسة، بعد أن فتر اهتمامه بها، وعاد إلى كالكوتا دون أن ينال أي شهادة.

تزوج طاغور سنة 1883 وهو في الثانية والعشرين من العمر بفتاة في العاشرة من العمر، مرينا ليني، شبه أمية أنجب منها ولدين وثلاث بنات. أحبته زوجته بشدة فغمرت حياتهما سعادة وسرور، فخاض معها في أعماق الحب الذي دعا إلى الإيمان القوي به في ديوانه "بستاني الحب" حتى قال فيها طاغور:

لقد هلت الفرحة من جميع أطراف الكون لتسوي جسمي
لقد قبلتها أشعة السماوات، ثم قبلتها حتى استفاقت إلى الحياء
إن ورد الصيف المولي سريعا قد ترددت زفراته في أنفاسها
وداعبت موسيقا الأشياء كلها أعضاءها لتمنحها إهاب الجمال
إنها زوجتي لقد أشعلت مصباحها في بيتي وأضاءت جنباته

توفيت زوجته وهي في مقتبل العمر، ولحق بها ابنه وابنته وأبوه في فترات متلاحقة متقاربة ما بين عامي 1902 - 1918، فخلفت تلك الرزايا جرحاً غائراً في نفسه.[7]

 

شهدت الثمانينات من القرن التاسع عشر نضج تجربة طاغور الشعرية، إذا نُشر له عدداً من الدواوين الشعرية توّجها في عام 1890بمجموعته "ماناسي" المثالي، التي شكلت قفزة نوعية، لا في تجربة طاغور فقط وإنما في الشعر البنغالي ككل. في العام 1891انتقلطاغور إلى البنغال الشرقية (بنغلاديش) لإدارة ممتكلكات العائلة، حيث استقر فيها عشر سنوات.

هناك كان طاغور يقظي معظم وقته في مركب (معد للسكن) يجوب نهر بادما (نهر الغانغ)، وكان على احتكاك مباشر مع القرويين البسطاء. ولقد شكلت الأوضاع المعيشية المتردية للفلاحين، وتخلفهم الاجتماعي والثقافي موضوعاً متكررا في العديد من كتاباته، دون أن يخفي تعاطفه معهم. ويعود أروع ماكتب من نثر وقصص قصيرة تحديدا، إلى تلك الحقبة الثرية "معنويا" في حياته، وهي قصص تتناول حياة البسطاء، آمالهم وخيباتهم، بحس يجمع بين رهافة عالية في التقاط الصورة وميل إلى الفكاهة والدعابة الذكية، التي ميزت مجمل تجربته النثرية عموما. لقد عشق طاغور الريف البنغالي الساحر، وعشق أكثر نهر باداما. الذي وهبه أفقا رحبا لتجربته الشعرية الغنية، وأثناء تلك السنوات نشر طاغور العديد من الدواوين الشعرية لعل أميزها "سونار تاري" (القارب الذهبي،2010) إضافة إلى مسرحيات عدة أبرزها "تشيترا" (1892).

في العام 1901، أسس طاغور مدرسة تجريبية في شانتينكايتان، حيث سعى من خلالها إلى تطبيق نظرياته الجديدة في التربية والتعليم، وذلك عبر مزج التقاليد الهندية العريقة بتلك الغربية الحديثة، واستقر طاغور في درسته مبدئيا، التي تحولت في العام 1921 إلى جامعة فيشقا-بهاراتيا أو (الجامعة الهندية للتعليم العالمي). وكانت لسنوات من الحزن والأسى، جراء موت زوجته واثنين من أولاده، بين العامين 1902 و1907 أثره البين في شعره لاحقا التي عكست تجربة شعرية فريدة من نوعها، تجلت أوضح مايمكن في رائعته "جينجالي" (قربان الأغاني،1912).

قدم طاغور للتراث الإنساني أكثر من ألف قصيدة شعرية، وحوالي 25 مسرحية بين طويلة وقصيرة وثماني مجلدات قصصية وثماني روايات، إضافة إلى عشرات الكتب والمقالات والمحاضرات في الفلسفة والدين والتربية والسياسة والقضايا الاجتماعية، وإلى جانب الأدب اتجهت عبقرية طاغور إلى الرسم، الذي احترفه في سن متأخر نسبيا، حيث أنتج آلاف اللوحات، كما كانت له صولات إبداعية في الموسيقى، وتحديدا أكثر من ألفي أغنية، اثنتان منها أضحتا النشيد الوطني للهند وبنغلاديش.



سنة النشر : 2015م / 1436هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 9.6 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة غورا

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل غورا
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
رابندرانات طاغور - Rabindranath tagore

كتب رابندرانات طاغور مسرحي و روائي بنغالي. ولد عام 1861 في كالكوتا "الهند" وتلقى تعليمه في منزل الأسرة على يد أبيه ديبندرانات وأشقائه ومدرس يدعى دفيجندرانات الذي كان عالماً وكاتباً مسرحياً وشاعراً وكذلك درس رياضة الجودو. درس طاغور اللغة السنسكريتية لغته الأم وآدابها واللغة الإنجليزية؛ ونال جائزة نوبل في الآداب عام 1913 وأنشأ مدرسة فلسفية معروفة باسم فيسفا بهاراتي أو الجامعة الهندية للتعليم العالي في عام 1918 في إقليم شانتي نيكتان غرب البنغال. أسس لنفسه إمبراطورية مالية ضخمة، وكان آل طاغور رواد حركة النهضة البنغالية إذ سعوا إلى الربط بين الثقافة الهندية التقليدية والأفكار والمفاهيم الغربية. ولقد أسهم معظم أشقاء طاغور، الذين عرفوا بتفوقهم العلمي والأدبي في إغناء الثقافة والأدب والموسيقى البنغالية بشكل أو بآخر، وإن كان روبندرونات طاغور، هو الذي اكتسب في النهاية شهرة كأديب وإنسان، لكونه الأميز والأكثر غزارة وتنوعا، وإنتاجاً. ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ بنوديني ❝ ❞ غورا ❝ ❞ ذكرياتي ❝ ❞ قرابين الغناء ❝ ❞ روائع فى المسرح والشعر ❝ ❞ المنبوذ ❝ الناشرين : ❞ دار أطياف للنشر والتوزيع ❝ ❞ المركز القومي للترجمة ❝ ❞ المدى للإعلام والثقافة والفنون ❝ ❞ الهيئة العامة السورية للكتاب ❝ ❞ المجمع الثقافي - أبو ظبي ❝ ❱. المزيد..

كتب رابندرانات طاغور
الناشر:
الهيئة العامة السورية للكتاب
كتب الهيئة العامة السورية للكتابالهيئة العامة السورية للكتاب هي مؤسسة حكومية سورية تتبع مباشرةً لوزير الثقافة وتعنى بنشر الكتب المؤلفة والمترجمة في مختلف مجالات المعرفة والعلوم ، بالإضافة إلى الإسهام في تطوير الحركة الثقافية والفكرية في سوريا وإغناء الأوساط الثقافية السورية بالتطورات الحاصلة في الأوساط العربية والعالمية. ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ الرواية العربية ومصادر دراستها ونقدها ❝ ❞ البخلاء ـ كتابة جديدة ❝ ❞ الإقتصاد الصيني ❝ ❞ دراسات الترجمة - سوزان باسنت ❝ ❞ قلبي العابر هنا PDF ❝ ❞ مفردات العرض المسرحي ❝ ❞ فلسفة الدماغ ❝ ❞ شعراء سورية في العصر الهيلينستي ❝ ❞ بحث في نظام الكون ❝ ❞ الأمة والمواطنة في عصر العولمة ❝ ومن أبرز المؤلفين : ❞ شوقي ضيف ❝ ❞ فيكتور هوجو ❝ ❞ هنري ترويا ❝ ❞ جورج جونسون ❝ ❞ رابندرانات طاغور ❝ ❞ أنتوني جيدنز ❝ ❞ محمد رضوان الداية ❝ ❞ سمر روحي الفيصل ❝ ❞ مجموعة من المؤلفين ❝ ❞ جون رولز ❝ ❞ نزار عابدين ❝ ❞ جون ملتون ❝ ❞ يارا أبو فخر ❝ ❞ فرانسواز لوموان ❝ ❞ د. مصطفى قره جولي ❝ ❞ جاني روداري ❝ ❞ ياسين عبد الرحيم ❝ ❞ ميسون قصاص ❝ ❞ لويس فرديناند سيلين ❝ ❞ إحسان هندي ❝ ❞ عبد الناصر حسو ❝ ❞ ريتشارد مينش ❝ ❞ عبد النبي اصطيف ❝ ❞ تشارلز اموزر ❝ ❞ د. سحر عبد الله عمران ❝ ❞ د. عبد العزيز علون ❝ ❞ فاديم روزين ❝ ❞ سنسر ويلز ❝ ❞ قصي السعدي ❝ ❞ بريغوجين ❝ ❞ سركيس بورنزسيان ❝ ❞ الدكتور عزت السيد أحمد والدكتور علي القيم ❝ ❞ سيث ليرر ❝ ❞ ضاهر احمد العيطة ❝ ❞ محمد محمدى ❝ ❞ محمد عبد الكريم ❝ ❞ حنا عبود ❝ ❱.المزيد.. كتب الهيئة العامة السورية للكتاب