❞ كتاب عبقريات ابن خلدون ❝  ⏤ علي عبد الواحد وافي

❞ كتاب عبقريات ابن خلدون ❝ ⏤ علي عبد الواحد وافي

عَبد الرَّحمن بن مُحَمَّد ابن خَلْدُون أبو زَيْد وَلْي الدِّين الْحَضْرَمِيّ الإَشبيلي المعروف بإبن خَلْدُون.(1332 - 1406م)، ولد في تونس وشبَّ وترعرع فيها وتخرّج من جامعة الزيتونة، وليَ الكتابة والوساطة بين الملوك في بلاد المغرب والأندلس ثم انتقل إلى مصر حيث قلده السلطان برقوق قضاء المالكية. ثم استقال من منصبه وانقطع إلى التدريس والتصنيف فكانت مصنفاته من مصادر الفكر العالمي، ومن أشهرها كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في معرفة أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر (تاريخ ابن خلدون).

ابن خلدون مؤرخ من شمال أفريقيا، تونسي المولد أندلسي حضرمي الأصل. عاش بعد تخرجه من جامعة الزيتونة في مختلف مدن شمال أفريقيا، حيث رحل إلى بسكرة وغرناطة وبجاية وتلمسان وفاس، كما تَوَجَّه إلى مصر، حيث أكرمه سلطانها الظاهر برقوق، ووَلِيَ فيها قضاء المالكية، وظلَّ بها ما يناهز ربع قرن (784-808 هـ)، حيث تُوُفِّيَ عام 1406 عن عمر بلغ ثلاث وسبعين عامًا ودُفِنَ قرب باب النصر بشمال القاهرة تاركاً تراثاً ما زال تأثيره ممتداً حتى اليوم ويعتبر ابنُ خَلدون مؤسسَ علم الاجتماع الحديث ومن علماء التاريخ والاقتصاد..

يرى ابن خلدون في المقدمة أن الفلسفة من العلوم التي استحدثت مع انتشار العمران، وأنها كثيرة في المدن ويعرفها قائلا: بأن قوما من عقلاء النوع الإنساني زعموا أن الوجود كله، الحسي منه وما وراء الحسي، تدرك أدواته وأحواله، بأسبابها وعللها، بالأنظار الفكرية والأقيسة العقلية وأن تصحيح العقائد الإيمانية من قبل النظر لا من جهة السمع فإنها بعض من مدارك العقل، وهؤلاء يسمون فلاسفة جمع فيلسوف، وهو باللسان اليوناني محب الحكمة. فبحثوا عن ذلك وشمروا له وحوموا على إصابة الغرض منه ووضعوا قانونا يهتدي به العقل في نظره إلى التمييز بين الحق والباطل وسموه بالمنطق. ويحذر ابن خلدون الناظرين في هذا العلم من دراسته قبل الاطلاع على العلوم الشرعية من التفسير والفقه، فيقول: ¸وليكن نظر من ينظر فيها بعد الامتلاء من الشرعيات والاطلاع على التفسير والفقه ولا يكبن أحد عليها وهو خلو من علوم الملة فقل أن يسلم لذلك من معاطبها·.

لعل ابن خلدون وابن رشد اتفقا على أن البحث في هذا العلم يستوجب الإلمام بعلوم الشرع حتى لا يضل العقل ويتوه في مجاهل الفكر المجرد لأن الشرع يرد العقل إلى البسيط لا إلى المعقد وإلى التجريب لا إلى التجريد. ومن هنا كانت نصيحة هؤلاء العلماء إلى دارسي الفلسفة أن يعرفوا الشرع والنقل قبل أن يمعنوا في التجريد العقلي.

فلسفة ابن خلدون
امتاز ابن خلدون بسعة اطلاعه على ما كتبه القدامى على أحوال البشر وقدرته على استعراض الآراء ونقدها، ودقة الملاحظة مع حرية في التفكير وإنصاف أصحاب الآراء المخالفة لرأيه. وقد كان لخبرته في الحياة السياسية والإدارية وفي القضاء، إلى جانب أسفاره الكثيرة من موطنه الأصيل تونس وبقية بلاد شمال أفريقيا إلى بلدان أخرى مثل مصر والحجاز والشام، أثر بالغ في موضوعية وعلمية كتاباته عن التاريخ وملاحظاته.

بسبب فكر ابن خلدون الدبلوماسي الحكيم، أرسل أكثر من مرة لحل نزاعات دولية، فقد عينه السلطان محمد بن الأحمر سفيرا إلى أمير قشتالة لعقد الصلح. وبعد ذلك بأعوام، استعان أهل دمشق به لطلب الأمان من الحاكم المغولي تيمورلنك، والتقوا بالفعل.

الفكر التربوي عند ابن خلدون
له مساهمة فعالة في علم التربية والذي لم يكن معروفا كعلم أكاديمي مستقل مثل اليوم، وقد عملت دراسات كثيرة حول فكره التربوي، ويمكن إجمال أفكاره التربوية في التالي:

أن العلم ينقسم إلى علمين علم نقلي وعلم عقلي.
التدرج في التعليم.
البدء بالمحسوسات والتدرج حتى الملموسات.
يكون تعليم الصبي بداية بعض سور القرآن الكريم وبعض الأشعار حتى تقوى ملكة الحفظ.
الغرب وابن خلدون
كثير من الكتاب الغربيين وصفو تقديم ابن خلدون للتاريخ بأنه أول تقديم لا ديني للتأريخ، وهو له تقدير كبير عندهم. ربما تكون ترجمة حياة ابن خلدون من أكثر ترجمات شخصيات التاريخ الإسلامي توثيقا بسبب المؤلف الذي وضعه ابن خلدون ليؤرخ لحياته وتجاربه ودعاه التعريف بابن خلدون ورحلته شرقا وغربا، تحدث ابن خلدون في هذا الكتاب عن الكثير من تفاصيل حياته المهنية في مجال السياسة والتأليف والرحلات، ولكنه لم يضمنها كثيرا تفاصيل حياته الشخصية والعائلية.

كان شمال أفريقيا أيام ابن خلدون بعد سقوط دولة الموحدين تحكمه ثلاث أسر: المغرب كان تحت سيطرة المرينيين (1196 - 1464)، غرب الجزائر كان تحت سيطرة آل عبد الودود (1236 - 1556)، تونس وشرق الجزائر وبرقة تحت سيطرة الحفصيين (1228 - 1574). التصارع بين هذه الدول الثلاثة كان على أشده للسيطرة ما أمكن من المغرب الكبير ولكن تميزت فترة الحفصيين بإشعاع ثقافي باهر. وكان المشرق العربي في أحلك الظروف آنذاك يمزقه التتار والتدهور.

وظائف تولاها
كان ابن خلدون دبلوماسيا حكيما أيضا. وقد أرسل في أكثر من وظيفة دبلوماسية لحل النزاعات بين زعماء الدول: مثلا، عينه السلطان محمد بن الأحمر سفيرا له إلى أمير قشتالة للتوصل لعقد صلح بينهما وكان صديقا مقربا لوزيره لسان الدين ابن الخطيب. كان وزيرا لدى أبي عبد الله الحفصي سلطان بجاية، وكان مقربا من السلطان أبي عنان المرينى قبل أن يسعى بينهما الوشاة. وبعد ذلك بأعوام استعان به أهل دمشق لطلب الأمان من الحاكم المغولي القاسي تيمورلنك، وتم اللقاء بينهما. وصف ابن خلدون اللقاء في مذكراته. إذ يصف ما رآه من طباع الطاغية، ووحشيته في التعامل مع المدن التي يفتحها، ويقدم تقييما متميزا لكل ما شاهد في رسالة خطها لملك المغرب.

الخصال الإسلامية لشخصية ابن خلدون : أسلوبه الحكيم في التعامل مع تيمور لنك مثلا، وذكائه وكرمه، وغيرها من الصفات التي أدت في نهاية المطاف لنجاته من هذه المحنة، تجعل من التعريف عملا متميزا عن غيره من نصوص أدب المذكرات العربية والعالمية. فنحن نرى هنا الملامح الإسلامية لعالم كبير واجه المحن بصبر وشجاعة وذكاء ولباقة. ويعتبر ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع.

ساهم في الدعوة للسلطان أبي حمو الزياني سلطان تلمسان بين القبائل بعد سقوط بجاية في يد سلطان قسنطينة أبي العباس الحفصي وأرسل أخاه يحيى بن خلدون ليكون وزيرا لدى أبي حمو.

وفاته

توفي في مصر عام 1406م، ودفن في مقابر الصوفية عند باب النصر شمال القاهرة ، والدار التي ولد بها كائنة بنهج تربة الباي عدد 34 بتونس العاصمة بالمدينة العتيقة.

له قصيدة في الحنين لموطنه تونس:
علي عبد الواحد وافي - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ عبد الرحمن بن خلدون حياته وآثاره ومظاهر عبقريته ❝ ❞ اليهودية واليهود - بحث فى ديانة اليهود وتاريخهم ونظامهم الإجتماعى والإقتصادى ❝ ❞ علم اللغة ❝ ❞ الاسفار المقدسة في الاديان السابقة للإسلام ❝ ❞ عبقريات ابن خلدون ❝ ❞ اللغة و المجتمع ❝ ❞ نشأة اللغة عند الإنسان والطفل ❝ ❞ اليهودية واليهود بحث فى ديانة اليهود وتاريخهم ونظامهم الإجتماعى والإقتصادى ❝ الناشرين : ❞ دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع ❝ ❞ مكتبة مصر ❝ ❞ دار عكاظ للطباعة و النشر و التوزيع ❝ ❱
من التراجم والأعلام - مكتبة كتب إسلامية.


اقتباسات من كتاب عبقريات ابن خلدون

نبذة عن الكتاب:
عبقريات ابن خلدون

1984م - 1445هـ
عَبد الرَّحمن بن مُحَمَّد ابن خَلْدُون أبو زَيْد وَلْي الدِّين الْحَضْرَمِيّ الإَشبيلي المعروف بإبن خَلْدُون.(1332 - 1406م)، ولد في تونس وشبَّ وترعرع فيها وتخرّج من جامعة الزيتونة، وليَ الكتابة والوساطة بين الملوك في بلاد المغرب والأندلس ثم انتقل إلى مصر حيث قلده السلطان برقوق قضاء المالكية. ثم استقال من منصبه وانقطع إلى التدريس والتصنيف فكانت مصنفاته من مصادر الفكر العالمي، ومن أشهرها كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في معرفة أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر (تاريخ ابن خلدون).

ابن خلدون مؤرخ من شمال أفريقيا، تونسي المولد أندلسي حضرمي الأصل. عاش بعد تخرجه من جامعة الزيتونة في مختلف مدن شمال أفريقيا، حيث رحل إلى بسكرة وغرناطة وبجاية وتلمسان وفاس، كما تَوَجَّه إلى مصر، حيث أكرمه سلطانها الظاهر برقوق، ووَلِيَ فيها قضاء المالكية، وظلَّ بها ما يناهز ربع قرن (784-808 هـ)، حيث تُوُفِّيَ عام 1406 عن عمر بلغ ثلاث وسبعين عامًا ودُفِنَ قرب باب النصر بشمال القاهرة تاركاً تراثاً ما زال تأثيره ممتداً حتى اليوم ويعتبر ابنُ خَلدون مؤسسَ علم الاجتماع الحديث ومن علماء التاريخ والاقتصاد..

يرى ابن خلدون في المقدمة أن الفلسفة من العلوم التي استحدثت مع انتشار العمران، وأنها كثيرة في المدن ويعرفها قائلا: بأن قوما من عقلاء النوع الإنساني زعموا أن الوجود كله، الحسي منه وما وراء الحسي، تدرك أدواته وأحواله، بأسبابها وعللها، بالأنظار الفكرية والأقيسة العقلية وأن تصحيح العقائد الإيمانية من قبل النظر لا من جهة السمع فإنها بعض من مدارك العقل، وهؤلاء يسمون فلاسفة جمع فيلسوف، وهو باللسان اليوناني محب الحكمة. فبحثوا عن ذلك وشمروا له وحوموا على إصابة الغرض منه ووضعوا قانونا يهتدي به العقل في نظره إلى التمييز بين الحق والباطل وسموه بالمنطق. ويحذر ابن خلدون الناظرين في هذا العلم من دراسته قبل الاطلاع على العلوم الشرعية من التفسير والفقه، فيقول: ¸وليكن نظر من ينظر فيها بعد الامتلاء من الشرعيات والاطلاع على التفسير والفقه ولا يكبن أحد عليها وهو خلو من علوم الملة فقل أن يسلم لذلك من معاطبها·.

لعل ابن خلدون وابن رشد اتفقا على أن البحث في هذا العلم يستوجب الإلمام بعلوم الشرع حتى لا يضل العقل ويتوه في مجاهل الفكر المجرد لأن الشرع يرد العقل إلى البسيط لا إلى المعقد وإلى التجريب لا إلى التجريد. ومن هنا كانت نصيحة هؤلاء العلماء إلى دارسي الفلسفة أن يعرفوا الشرع والنقل قبل أن يمعنوا في التجريد العقلي.

فلسفة ابن خلدون
امتاز ابن خلدون بسعة اطلاعه على ما كتبه القدامى على أحوال البشر وقدرته على استعراض الآراء ونقدها، ودقة الملاحظة مع حرية في التفكير وإنصاف أصحاب الآراء المخالفة لرأيه. وقد كان لخبرته في الحياة السياسية والإدارية وفي القضاء، إلى جانب أسفاره الكثيرة من موطنه الأصيل تونس وبقية بلاد شمال أفريقيا إلى بلدان أخرى مثل مصر والحجاز والشام، أثر بالغ في موضوعية وعلمية كتاباته عن التاريخ وملاحظاته.

بسبب فكر ابن خلدون الدبلوماسي الحكيم، أرسل أكثر من مرة لحل نزاعات دولية، فقد عينه السلطان محمد بن الأحمر سفيرا إلى أمير قشتالة لعقد الصلح. وبعد ذلك بأعوام، استعان أهل دمشق به لطلب الأمان من الحاكم المغولي تيمورلنك، والتقوا بالفعل.

الفكر التربوي عند ابن خلدون
له مساهمة فعالة في علم التربية والذي لم يكن معروفا كعلم أكاديمي مستقل مثل اليوم، وقد عملت دراسات كثيرة حول فكره التربوي، ويمكن إجمال أفكاره التربوية في التالي:

أن العلم ينقسم إلى علمين علم نقلي وعلم عقلي.
التدرج في التعليم.
البدء بالمحسوسات والتدرج حتى الملموسات.
يكون تعليم الصبي بداية بعض سور القرآن الكريم وبعض الأشعار حتى تقوى ملكة الحفظ.
الغرب وابن خلدون
كثير من الكتاب الغربيين وصفو تقديم ابن خلدون للتاريخ بأنه أول تقديم لا ديني للتأريخ، وهو له تقدير كبير عندهم. ربما تكون ترجمة حياة ابن خلدون من أكثر ترجمات شخصيات التاريخ الإسلامي توثيقا بسبب المؤلف الذي وضعه ابن خلدون ليؤرخ لحياته وتجاربه ودعاه التعريف بابن خلدون ورحلته شرقا وغربا، تحدث ابن خلدون في هذا الكتاب عن الكثير من تفاصيل حياته المهنية في مجال السياسة والتأليف والرحلات، ولكنه لم يضمنها كثيرا تفاصيل حياته الشخصية والعائلية.

كان شمال أفريقيا أيام ابن خلدون بعد سقوط دولة الموحدين تحكمه ثلاث أسر: المغرب كان تحت سيطرة المرينيين (1196 - 1464)، غرب الجزائر كان تحت سيطرة آل عبد الودود (1236 - 1556)، تونس وشرق الجزائر وبرقة تحت سيطرة الحفصيين (1228 - 1574). التصارع بين هذه الدول الثلاثة كان على أشده للسيطرة ما أمكن من المغرب الكبير ولكن تميزت فترة الحفصيين بإشعاع ثقافي باهر. وكان المشرق العربي في أحلك الظروف آنذاك يمزقه التتار والتدهور.

وظائف تولاها
كان ابن خلدون دبلوماسيا حكيما أيضا. وقد أرسل في أكثر من وظيفة دبلوماسية لحل النزاعات بين زعماء الدول: مثلا، عينه السلطان محمد بن الأحمر سفيرا له إلى أمير قشتالة للتوصل لعقد صلح بينهما وكان صديقا مقربا لوزيره لسان الدين ابن الخطيب. كان وزيرا لدى أبي عبد الله الحفصي سلطان بجاية، وكان مقربا من السلطان أبي عنان المرينى قبل أن يسعى بينهما الوشاة. وبعد ذلك بأعوام استعان به أهل دمشق لطلب الأمان من الحاكم المغولي القاسي تيمورلنك، وتم اللقاء بينهما. وصف ابن خلدون اللقاء في مذكراته. إذ يصف ما رآه من طباع الطاغية، ووحشيته في التعامل مع المدن التي يفتحها، ويقدم تقييما متميزا لكل ما شاهد في رسالة خطها لملك المغرب.

الخصال الإسلامية لشخصية ابن خلدون : أسلوبه الحكيم في التعامل مع تيمور لنك مثلا، وذكائه وكرمه، وغيرها من الصفات التي أدت في نهاية المطاف لنجاته من هذه المحنة، تجعل من التعريف عملا متميزا عن غيره من نصوص أدب المذكرات العربية والعالمية. فنحن نرى هنا الملامح الإسلامية لعالم كبير واجه المحن بصبر وشجاعة وذكاء ولباقة. ويعتبر ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع.

ساهم في الدعوة للسلطان أبي حمو الزياني سلطان تلمسان بين القبائل بعد سقوط بجاية في يد سلطان قسنطينة أبي العباس الحفصي وأرسل أخاه يحيى بن خلدون ليكون وزيرا لدى أبي حمو.

وفاته

توفي في مصر عام 1406م، ودفن في مقابر الصوفية عند باب النصر شمال القاهرة ، والدار التي ولد بها كائنة بنهج تربة الباي عدد 34 بتونس العاصمة بالمدينة العتيقة.

له قصيدة في الحنين لموطنه تونس: .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

 

عَبد الرَّحمن بن مُحَمَّد ابن خَلْدُون أبو زَيْد وَلْي الدِّين الْحَضْرَمِيّ الإَشبيلي المعروف بإبن خَلْدُون.(1332 - 1406م)، ولد في تونس وشبَّ وترعرع فيها وتخرّج من جامعة الزيتونة، وليَ الكتابة والوساطة بين الملوك في بلاد المغرب والأندلس ثم انتقل إلى مصر حيث قلده السلطان برقوق قضاء المالكية. ثم استقال من منصبه وانقطع إلى التدريس والتصنيف فكانت مصنفاته من مصادر الفكر العالمي، ومن أشهرها كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في معرفة أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر (تاريخ ابن خلدون).

ابن خلدون مؤرخ من شمال أفريقيا، تونسي المولد أندلسي حضرمي الأصل. عاش بعد تخرجه من جامعة الزيتونة في مختلف مدن شمال أفريقيا، حيث رحل إلى بسكرة وغرناطة وبجاية وتلمسان وفاس، كما تَوَجَّه إلى مصر، حيث أكرمه سلطانها الظاهر برقوق، ووَلِيَ فيها قضاء المالكية، وظلَّ بها ما يناهز ربع قرن (784-808 هـ)، حيث تُوُفِّيَ عام 1406 عن عمر بلغ ثلاث وسبعين عامًا ودُفِنَ قرب باب النصر بشمال القاهرة تاركاً تراثاً ما زال تأثيره ممتداً حتى اليوم ويعتبر ابنُ خَلدون مؤسسَ علم الاجتماع الحديث ومن علماء التاريخ والاقتصاد..

يرى ابن خلدون في المقدمة أن الفلسفة من العلوم التي استحدثت مع انتشار العمران، وأنها كثيرة في المدن ويعرفها قائلا: بأن قوما من عقلاء النوع الإنساني زعموا أن الوجود كله، الحسي منه وما وراء الحسي، تدرك أدواته وأحواله، بأسبابها وعللها، بالأنظار الفكرية والأقيسة العقلية وأن تصحيح العقائد الإيمانية من قبل النظر لا من جهة السمع فإنها بعض من مدارك العقل، وهؤلاء يسمون فلاسفة جمع فيلسوف، وهو باللسان اليوناني محب الحكمة. فبحثوا عن ذلك وشمروا له وحوموا على إصابة الغرض منه ووضعوا قانونا يهتدي به العقل في نظره إلى التمييز بين الحق والباطل وسموه بالمنطق. ويحذر ابن خلدون الناظرين في هذا العلم من دراسته قبل الاطلاع على العلوم الشرعية من التفسير والفقه، فيقول: ¸وليكن نظر من ينظر فيها بعد الامتلاء من الشرعيات والاطلاع على التفسير والفقه ولا يكبن أحد عليها وهو خلو من علوم الملة فقل أن يسلم لذلك من معاطبها·.

لعل ابن خلدون وابن رشد اتفقا على أن البحث في هذا العلم يستوجب الإلمام بعلوم الشرع حتى لا يضل العقل ويتوه في مجاهل الفكر المجرد لأن الشرع يرد العقل إلى البسيط لا إلى المعقد وإلى التجريب لا إلى التجريد. ومن هنا كانت نصيحة هؤلاء العلماء إلى دارسي الفلسفة أن يعرفوا الشرع والنقل قبل أن يمعنوا في التجريد العقلي.

فلسفة ابن خلدون
امتاز ابن خلدون بسعة اطلاعه على ما كتبه القدامى على أحوال البشر وقدرته على استعراض الآراء ونقدها، ودقة الملاحظة مع حرية في التفكير وإنصاف أصحاب الآراء المخالفة لرأيه. وقد كان لخبرته في الحياة السياسية والإدارية وفي القضاء، إلى جانب أسفاره الكثيرة من موطنه الأصيل تونس وبقية بلاد شمال أفريقيا إلى بلدان أخرى مثل مصر والحجاز والشام، أثر بالغ في موضوعية وعلمية كتاباته عن التاريخ وملاحظاته.

بسبب فكر ابن خلدون الدبلوماسي الحكيم، أرسل أكثر من مرة لحل نزاعات دولية، فقد عينه السلطان محمد بن الأحمر سفيرا إلى أمير قشتالة لعقد الصلح. وبعد ذلك بأعوام، استعان أهل دمشق به لطلب الأمان من الحاكم المغولي تيمورلنك، والتقوا بالفعل.

الفكر التربوي عند ابن خلدون
له مساهمة فعالة في علم التربية والذي لم يكن معروفا كعلم أكاديمي مستقل مثل اليوم، وقد عملت دراسات كثيرة حول فكره التربوي، ويمكن إجمال أفكاره التربوية في التالي:

أن العلم ينقسم إلى علمين علم نقلي وعلم عقلي.
التدرج في التعليم.
البدء بالمحسوسات والتدرج حتى الملموسات.
يكون تعليم الصبي بداية بعض سور القرآن الكريم وبعض الأشعار حتى تقوى ملكة الحفظ.
الغرب وابن خلدون
كثير من الكتاب الغربيين وصفو تقديم ابن خلدون للتاريخ بأنه أول تقديم لا ديني للتأريخ، وهو له تقدير كبير عندهم. ربما تكون ترجمة حياة ابن خلدون من أكثر ترجمات شخصيات التاريخ الإسلامي توثيقا بسبب المؤلف الذي وضعه ابن خلدون ليؤرخ لحياته وتجاربه ودعاه التعريف بابن خلدون ورحلته شرقا وغربا، تحدث ابن خلدون في هذا الكتاب عن الكثير من تفاصيل حياته المهنية في مجال السياسة والتأليف والرحلات، ولكنه لم يضمنها كثيرا تفاصيل حياته الشخصية والعائلية.

كان شمال أفريقيا أيام ابن خلدون بعد سقوط دولة الموحدين تحكمه ثلاث أسر: المغرب كان تحت سيطرة المرينيين (1196 - 1464)، غرب الجزائر كان تحت سيطرة آل عبد الودود (1236 - 1556)، تونس وشرق الجزائر وبرقة تحت سيطرة الحفصيين (1228 - 1574). التصارع بين هذه الدول الثلاثة كان على أشده للسيطرة ما أمكن من المغرب الكبير ولكن تميزت فترة الحفصيين بإشعاع ثقافي باهر. وكان المشرق العربي في أحلك الظروف آنذاك يمزقه التتار والتدهور.

وظائف تولاها
كان ابن خلدون دبلوماسيا حكيما أيضا. وقد أرسل في أكثر من وظيفة دبلوماسية لحل النزاعات بين زعماء الدول: مثلا، عينه السلطان محمد بن الأحمر سفيرا له إلى أمير قشتالة للتوصل لعقد صلح بينهما وكان صديقا مقربا لوزيره لسان الدين ابن الخطيب. كان وزيرا لدى أبي عبد الله الحفصي سلطان بجاية، وكان مقربا من السلطان أبي عنان المرينى قبل أن يسعى بينهما الوشاة. وبعد ذلك بأعوام استعان به أهل دمشق لطلب الأمان من الحاكم المغولي القاسي تيمورلنك، وتم اللقاء بينهما. وصف ابن خلدون اللقاء في مذكراته. إذ يصف ما رآه من طباع الطاغية، ووحشيته في التعامل مع المدن التي يفتحها، ويقدم تقييما متميزا لكل ما شاهد في رسالة خطها لملك المغرب.

الخصال الإسلامية لشخصية ابن خلدون : أسلوبه الحكيم في التعامل مع تيمور لنك مثلا، وذكائه وكرمه، وغيرها من الصفات التي أدت في نهاية المطاف لنجاته من هذه المحنة، تجعل من التعريف عملا متميزا عن غيره من نصوص أدب المذكرات العربية والعالمية. فنحن نرى هنا الملامح الإسلامية لعالم كبير واجه المحن بصبر وشجاعة وذكاء ولباقة. ويعتبر ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع.

ساهم في الدعوة للسلطان أبي حمو الزياني سلطان تلمسان بين القبائل بعد سقوط بجاية في يد سلطان قسنطينة أبي العباس الحفصي وأرسل أخاه يحيى بن خلدون ليكون وزيرا لدى أبي حمو.

وفاته

توفي في مصر عام 1406م، ودفن في مقابر الصوفية عند باب النصر شمال القاهرة ، والدار التي ولد بها كائنة بنهج تربة الباي عدد 34 بتونس العاصمة بالمدينة العتيقة.

له قصيدة في الحنين لموطنه تونس:

عبقريات ابن خلدون



سنة النشر : 1984م / 1404هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 5.7 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة عبقريات ابن خلدون

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل عبقريات ابن خلدون
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
علي عبد الواحد وافي - Ali Abdul Wahid Wafi

كتب علي عبد الواحد وافي ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ عبد الرحمن بن خلدون حياته وآثاره ومظاهر عبقريته ❝ ❞ اليهودية واليهود - بحث فى ديانة اليهود وتاريخهم ونظامهم الإجتماعى والإقتصادى ❝ ❞ علم اللغة ❝ ❞ الاسفار المقدسة في الاديان السابقة للإسلام ❝ ❞ عبقريات ابن خلدون ❝ ❞ اللغة و المجتمع ❝ ❞ نشأة اللغة عند الإنسان والطفل ❝ ❞ اليهودية واليهود بحث فى ديانة اليهود وتاريخهم ونظامهم الإجتماعى والإقتصادى ❝ الناشرين : ❞ دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع ❝ ❞ مكتبة مصر ❝ ❞ دار عكاظ للطباعة و النشر و التوزيع ❝ ❱. المزيد..

كتب علي عبد الواحد وافي
الناشر:
دار عكاظ للطباعة و النشر و التوزيع
كتب دار عكاظ للطباعة و النشر و التوزيع منذ 1981، تاريخ إنشائها، تقوم منشورات عكاظ بتوزيع موسوعات رفيعة المستوى، و ذلك بشراكة مع دور النشر العالمية الكبرى، في أوروبا وأمريكا (هاشيت، بورداس، لاروس، أوزو، رومبالدي، وورلد بوك، لوليفر دو باري ...) في الخارج، يتم توزيع موسوعاتنا في العديد من بلدان أفريقيا وأوروبا وأوقيانيا. في المغرب، يقوم وكلاؤنا التجاريون المتنقلون بتغطية جميع مناطق المملكة، لتزويد القارئ، حيثما كان، بموسوعات متنوعة و متكاملة، في المجال البيداغوجي و الثقافي. الموسوعات البيداغوجية التي نوزعها، و التي يشرف عليها كبار المتخصصين، تتوجه إلى الطفل في مختلف أطواره الدراسية، و تضمن له التفوق في دراسته. أما الموسوعات الثقافية، فهي موجهة لمختلف الأعمار. و هي تزود القارئ بالمعارف و المعلومات الأساسية في عالم اليوم، و تعلمه كيف يرتب هده المعارف والمعلومات في ذهنه وكيف يستعملها ويستفيد منها على أفضل وجه في حياته اليومية. ❰ ناشرين لمجموعة من المؤلفات أبرزها ❞ الشرطة في الإسلام وتطورها في القرن الرابع عشر ❝ ❞ الخمر في الفقه الإسلامي - دراسة مقارنة ❝ ❞ ومن كل شئ خلقنا زوجين ❝ ❞ عبقريات ابن خلدون ❝ ❞ أثر الإقطاع في تاريخ الأندلس السياسي من منتصف القرن الثالث الهجري حتى ظهور الخلافة ❝ ❞ اللغة و المجتمع ❝ ومن أبرز المؤلفين : ❞ علي عبد الواحد وافي ❝ ❞ د. عبد المحسن صالح ❝ ❞ إبراهيم القادري بوتشيش ❝ ❞ د. فكري أحمد عكاز ❝ ❞ يحي عبد الله المعلمي ❝ ❱.المزيد.. كتب دار عكاظ للطباعة و النشر و التوزيع