❞ كتاب رسائل دعوية إلى العاملين في مجال الصحة والطب ❝  ⏤ عبد الملك القاسم

❞ كتاب رسائل دعوية إلى العاملين في مجال الصحة والطب ❝ ⏤ عبد الملك القاسم

فإن من أعظم محاضن الدعوة اليوم: التعليم والتطبيب، وقد أجلب أصحاب الملل الباطلة في هذين المجالين بخيلهم ورجلهم، فانتشرت المدارس النصرانية وكثرت المراكز الطبية التي تقف من خلفها الكنائس والبعثات التنصيرية.

وإسهاماً في الدعوة إلى الله- عز وجل- في هذا المجال الهام أدليت بدلوي رغبة في المشاركة ولو بالقليل.

وبادئ ذي بدء أعتذر فليس الكاتب والقائل كمثل القائم العامل، وليس من يطرح الآراء ويُنظَّر للعمل كمثل من ينفذ ويفعل! لكن فضل الله واسع ويكفي أجر الدلالة على الخير، ومن كرمه وجوده أنه يدخل في السهم الواحد ثلاثة نفر.

أسأل الله- عز وجل- أن يجعلنا ممن يستعملهم فى طاعته ونشر دينه وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -.


مدخل
إن مما يعين على تحصين الثغور, واتساع رقعة نشر الخير: أن يكون لأهل الخير نصيب من المشاركة في التخصصات العلمية, التي تعود بالنفع على المجتمع والأمة.

وذلك كالطب, والصيدلة, والهندسة, والمحاسبة, وما شاكل ذلك.

فوجود أهل الخير في مثل هذه المناصب والتخصصات, فيه مصالح كثيرة للإسلام والمسلمين, فمن ذلك:

أولاً: توظيف ما يستطاع من هذه التخصصات فى خدمة الإسلام.

ثانيًا: تَمَكن بعض أهل الخير من هذه التخصصات فيه مزاحمة- بل مدافعة- لمن أرادها من أجل الظهور والكسب المادى البحت, أو ممن كان من أهل الشر والفساد وسوء الاعتقاد.

ثالثًا: إظهار أن الإسلام يحث على كل ما فيه مصلحة للناس, وهذه التخصصات لا غنى للمجتمعات عنها- والله تعالى أعلم-.

رابعًا: فيه إعادة لشيء من مجد المسلمين التليد, حيث كانت الأندلس محطاً لركائب الراغبين فى تحصيل العلوم, وكان علماء المسلمين منارات يهتدى بها, بينما كانت بلاد النصارى تلبس ثياب الفوضى الخُلُقية والاجتماعية وتعيش في ظلام دامس في المعتقد والسلوك والأخلاق.

خامسًا: وجود صوت الخير فى كل مكان, وهذا بنفسه يسد ثغرةً كبيرةً, إلى غير ذلك من المصالح والإيجابيات.

سادسًا: سَدُّ ما يُعَدُّ من فروض الكفايات لا غنى عنها في حياتهم ومعاشهم, ولئلا يحتاج المسلمون فيها –مضطرين-إلى غيرهم من أهل الكفر والضلال([1]).

ومما ينبغي التنبيه عليه: أن أعداء الإسلام حرصوا على المجالات العلمية والتقدم فيها, وبخاصة الطب, وليس هذا وليد العصر, بل فى القرون السابقة, قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: «لا أعلم علماً بعد الحلال والحرام أنبل من الطب, إلا أن أهل الكتاب غلبونا عليه», وكان رحمه الله تعالى – يتلهف على ما ضيع المسلمون من الطب, ويقول: «ضيعوا ثلث العلم, ووكلوه إلى اليهود والنصارى»([2])

****


وقفة تأمل
أخي المسلم:

لابد أن نقرر أمرًا واقعًا ألا وهو أننا فى زمن الدعوة. النصارى يدعون ويبذلون؛ تراهم فى القارة الأفريقية وأطراف آسيا, وهناك أيضاً لهم باع طويل في أدغال أفريقيا, بل ويبحثون عن المسلمين في بلادهم ومن درس في مدارسهم وجامعاتهم أو تقلب بين ظهرانيهم علم ذلك.

أما اليهود فهم كذلك يدعون, وأصحاب المبادئ الباطلة يعملون! بل حتى أصحاب المنتجات الاستهلاكية الدعوة لها من أوسع الأبواب وأكثرها إنفاقًا عبر مايسمى بالإعلان التجاري.

ولا يختلف اثنان على أن أهم محاضن الدعوة اليوم المدرسة والمستشفى, وقد سعى النصارى خاصة إلى ذلك فأنشأوا المدارس وأقاموا المستشفيات؛ ظاهرها العلم والتمريض وباطنها السم الزعاف, فقد كانت الخدمة الطبية وسيلة للتبشير تحظى دوما بالأولوية فى مهمات المبشرين.

قال ستورم H.Storm أحد قادة الإرساليات: (لقد ثبت أن العمل الطبي هو مفتاح القلوب المغلقة ووسيلة لتوثيق عرى الصداقة وأداة لتحطيم المعارضة).

ولقد كان المبشرون يؤكدون على هذا المدخل كوسيلة رئيسية للتبشير, وأسلوب لكسب قلوب الأهالي وخلق جمهور متعاطف معهم, والأهم من ذلك كله تهيئة الفرصة للتبشير بالإنجيل وقد ذهب صموئيل زويمر إلى القول: (إن جميع العاملين في ميدان التبشير متفقون على أن الطبيب القدير والجراح الماهر يحمل جوازاً يفتح الأبواب المقفلة, ويغزو القلوب مهما كانت عنيدة. إن المستشفيات هي مكان تلتقى فيه الرحمة بالخلق ويتعانق فيه الصلاح والسلام).

بل ويعتقد المبشرون بأن المستشفيات لاتنفصل عن الكنيسة وليست أهمها بل يجب أن تكون امتداداً لها, والمبشرين البروتستانتيون سعوا لاستخدام الوسائل الطبية لكسب غير المسيحيين والنقطة الأساسية فى الجدال هي أن أطباء الإرسالية يعتقدون بأنهم يؤدون واجبهم الدينى عن طريق الخدمات الطبية, لأن هذا النوع من النشاط هو جزء من الخُلق المسيحي واقتداء بسنة المسيح كشافٍ للأمراض, ويعتقد ف. بارني F. Barny بأن المدخل الطبي كان هو العمل الوحيد الممكن للوصول إلى الناس والتأثير عليهم.

ثم تأملوا هذا الخلاف مع الدكتور/ تومس الذي يقول: (إن المستشفى يجب أن يكون مكاناً للتبشير بالإنجيل والشيء الذي كان يقلق المبشرين هو أن بعض أطباء الإرسالية كانوا يعطون العلاج الطبي أهمية أكبر والذي من شأنه أن يؤدي إلى صراع بين الكنيسة والمستشفى وهذا حتما سيؤثر على العمل التبشيري بأكمله).

وأتوقف عند هذه العبارة التي صدرت من أفواههم وتتحدث عن تلك الأعمال والأماكن: «ليست بمستشفيات والمدارس ولكنها معاهد تبشير».

مستشفى طائر للتنصير بتكلفة 25 مليون دولار !!

نشرت الصحف العام الماضي الخبر التالي:

عمَّ الترقب والتلهف حين وصلت الأخبار إلى مدينة حيدر آباد بجنوب الهند قبل شهور بأن "المستشفى الطائر"إحدى معجزات القرن العشرين سيزور المدينة لأسبوعين فى شهر نوفمبر الماضي, وسيعالج الفقراء فقط وسيجري عمليات جراحية للمعدمين الذين لاحظَّ لهم في الحياة.. وكل هذا سيكون مجاناً.. وعلت لافتات كبيرة شوارع المدينة تعلن هذا الحدث العظيم, تدعو الفقراء للتقدم إلى عناوين معينة لتسجيل أسمائهم.

وهكذا حين حطَّ المستشفى الطائر بمطار المدينة كان الجو مشحوناً بالترقب, لدرجة أن كبير وزراء الولاية بنفسه كان في استقبال المستشفى الطائر بالمطار وقام بزيارة أجنحته في شوق ولهفة للتعرف على أحدث الأجهزة والتسهيلات التي يقدمها هذا المستشفى الذي يعتبر أكبر مستشفى طائر في العالم. فقد تم تحويل طائرة لوكهيد من طراز (لـ 1011 -50) إلى طائر !! بإنفاق (25) مليون دولار على هذا المشروع.

ويتدافع الفقراء إلى المدينة للحصول على العلاج المجاني الذي قيل: إنه سيكون ذا مستوى عالمي غير متوفر فى الهند..وسرعان ما انكشف الأمر حين بدأ المرضى يكتشفون بأنفسهم حقيقة هذا العمل الخيري. فكان أول شيء يتعرض له المريض قبل الكشف عليه هو السؤال عن ديانته, ثم يعطى محاضرة لنحو (10) دقائق حول (السيد المسيح) والمسيحية([3]) وضرورة البحث عن الخلاص في رحاب (السيد المسيح) ثم يُعطى كمية من الكتب والنشرات ويطلب منه دراستها والحضور إلى عنوان معين بعد أيام. وكان من أوائل هؤلاء سيدة مسلمة تدعى (سعيدة بي) التي رمت بالكتب وصرخت في وجوههم: إن لها ديانة تؤمن بها وهي جاءت هنا للعلاج, وليس للوعظ والكتب.

وحين علت الصيحات وأخذت الصحف المحلية تكشف حقيقة هذا العمل, خفت نبرة الوعظ وسكتت مكبرات الصوت, ولكن محاولات التنصير لم تنته.

وظهر من تحقيقات الصحافة أن المستشفى الطائر يتبع منظمة تنصيرية تدعى (عملية البركة الدولية) والتي تتبع بدورها منظمة شبكة الإذاعة المسيحية التي يرأسها المنصر المعروف (بات روبرتسون) الذي ينتمي إلى اليمين المتطرف في الولايات المتحدة وسبق أن رشح نفسه في الانتخابات الأمريكية سنة 1987م كما عمل في إدارة الرئيس ريغان سنة 1982م.

ويقال: إن هذا المستشفى الطائر, الذي يزور مناطق كثيرة فى أنحاء العالم, قد عالج حتى الآن (... ،943) مريض, وأجرى أكثر من (... ,19) عملية جراحية. وهو يمكث فى مختلف الأمكنة نحو أسبوع أو عشرة أيام, ويقال أنه أكبر مستشفى جوي في العالم وهو مزود بكل التسهيلات الممكنة للعمليات الجراحية والعلاجية.

انتهى الخبر, والله أعلم كم من مسلم تحول فكره إلى النصرانية؟! وكم من مسلمة أثيرت الشبه فى قلبها عن دين الإسلام؟!

وإتمامًا للأمر وخطورته أذكر الحال فى دولة واحدة هي بنغلادش وكيف هو دور المستشفى فى تغيير معتقدات الناس؟!

ذكرت مجلة البيان: أنه أنشئ مستشفى تنصيري فى عام 1965م في قرية (معلوم جات) في منطقة (شيتا جانغ) في بنغلاديش التي لم يكد يوجد بها نصراني آنذاك, أما الآن فقد بلغ عددهم أربعين ألف نصراني!


منظمة براك

منظمة تنصيرية كندية يتبعها في بنغلاديش أكثر من (...3) مدرسة, وعدد المنظمات في هذا البلد المسلم الفقير (...3) منظمة تنصيرية!

وكان عدد النصارى في دولة بنغلاديش عام 1972م مئتي ألف نسمة وارتفع في عام 1991م أي خلال 19 سنة إلى خمسة ملايين!

وفي هذه السنوات بذلت أموال وجهود مكثفة حتى نالوا ما أرادوا!

نعم ما أرادوا لأنهم بذلوا وعملوا..

***


الإسلام والطب
تكدر خاطر القارئ الكريم بتلك المعلومات التي تحزن ولا تفرح, لكن دعنا ننتقل إلى مراتع الإسلام لنطلق النظر فى تعاليم هذه الشريعة العظيمة وكيف نظرت إلى المرض والصحة من جوانبه العديدة؟

أولاً: طبيعة المرض والصحة في الطب والدين متشابهة, فالمرض يعني استجماع الفضلات واحتباسها في الجسد، ففضلات الطب الجراثيم, والأوبئة المختلفة. وفضلات الدين الشبهات والشهوات باختلاف أنواعها.

والصحة في كلي الأمرين تكون باستفراغ هذه الفضلات وسلامة الجسم منها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- في مجموع الفتاوى المجلد العاشر: «طب الأديان يحذو حذو طب الأبدان».

ثانياً: الاشتراك في التسمية والمنطوق. فالنقص في صحة الجسم يسمى مرضًا والنقص في دين الإنسان يسمى أيضًا مرضًا.

قال الله تعالى-: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضًا﴾[البقره 10].

وقال تعالى: ﴿فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا﴾ [الأحزاب 32], أي مرض الزنا.كما أن اكتمال الصحة يسمى شفاءً وكذلك تقويم نقص الدين يسمى شفاء , قال - صلى الله عليه وسلم - : «ألا سألوا حين جهلوا فإنما شفاء العي السؤال...»

ولذلك سمى عدد من السلف كتبهم التي يناقشون فيها ما يطرأ على دين المرء من العطب من ناحية الشهوة أو الشبة بمسميات تقارب صحة الجسد ككتاب [اعتلال القلوب] للخرائطي و[الداء والدواء] لابن القيم, ورسالة [داء القلوب وشفاؤها] لابن تيمية.

ولهذا فإن من مواصفات الطبيب المسلم ما قاله ابن القيم في كتاب [الطب النبوي] عندما تكلم عن الطبيب الحاذق وذكر أنه يجب أن يُراعي في علاجه عشرين أمرًا كان السابع عشر منها هو كما قال : "أن يكون له خبرة باعتلال القلوب والأرواح وأدويتها ولذلك أصل عظيم في علاج الأبدان فإن انفعال البدن وطبيعته عن القلب والنفس أمر مشهود.

والطبيب إذا كان عارفًا بأمراض القلوب والروح وعلاجها كان هو الطبيب الكامل, والذي لاخبرة له بذلك وإن كان حاذقًا في علاج الطبيعة وأحوال البدن نصف طبيب.

وكل طبيب لايداوي العليل بتفقد قلبه وصلاحه, وتقوية أرواحه وقواه بالصدقة وفعل الخير والإحسان والإقبال على الله والدار الآخرة فليس بطبيب بل متطبب قاصر".
عبد الملك القاسم - داعية إسلامي ، له العديد من الكتيبات والمطويات الدينية ، ولعل من أبرزها وأقدمها الزمن القادم .

صاحب دار القاسم للنشر والتوزيع
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ تفسير القرآن العظيم: جزء عم ❝ ❞ الزمن القادم (3) مجموعة قصص ❝ ❞ يا أبي زوجني ❝ ❞ الرزق أبوابه ومفاتحه ❝ ❞ دروس عشر ذي الحجة ❝ ❞ تمشي على استحياء ❝ ❞ 40 قاعدة في حل المشاكل ❝ ❞ أين نحن من هؤلاء ؟! ❝ ❞ يوم في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم ❝ الناشرين : ❞ موقع دار الإسلام ❝ ❞ دار الإسلام للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار القاسم للنشر والتوزيع ❝ ❱
من كتب إسلامية متنوعة - مكتبة كتب إسلامية.

نبذة عن الكتاب:
رسائل دعوية إلى العاملين في مجال الصحة والطب

فإن من أعظم محاضن الدعوة اليوم: التعليم والتطبيب، وقد أجلب أصحاب الملل الباطلة في هذين المجالين بخيلهم ورجلهم، فانتشرت المدارس النصرانية وكثرت المراكز الطبية التي تقف من خلفها الكنائس والبعثات التنصيرية.

وإسهاماً في الدعوة إلى الله- عز وجل- في هذا المجال الهام أدليت بدلوي رغبة في المشاركة ولو بالقليل.

وبادئ ذي بدء أعتذر فليس الكاتب والقائل كمثل القائم العامل، وليس من يطرح الآراء ويُنظَّر للعمل كمثل من ينفذ ويفعل! لكن فضل الله واسع ويكفي أجر الدلالة على الخير، ومن كرمه وجوده أنه يدخل في السهم الواحد ثلاثة نفر.

أسأل الله- عز وجل- أن يجعلنا ممن يستعملهم فى طاعته ونشر دينه وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -.


مدخل
إن مما يعين على تحصين الثغور, واتساع رقعة نشر الخير: أن يكون لأهل الخير نصيب من المشاركة في التخصصات العلمية, التي تعود بالنفع على المجتمع والأمة.

وذلك كالطب, والصيدلة, والهندسة, والمحاسبة, وما شاكل ذلك.

فوجود أهل الخير في مثل هذه المناصب والتخصصات, فيه مصالح كثيرة للإسلام والمسلمين, فمن ذلك:

أولاً: توظيف ما يستطاع من هذه التخصصات فى خدمة الإسلام.

ثانيًا: تَمَكن بعض أهل الخير من هذه التخصصات فيه مزاحمة- بل مدافعة- لمن أرادها من أجل الظهور والكسب المادى البحت, أو ممن كان من أهل الشر والفساد وسوء الاعتقاد.

ثالثًا: إظهار أن الإسلام يحث على كل ما فيه مصلحة للناس, وهذه التخصصات لا غنى للمجتمعات عنها- والله تعالى أعلم-.

رابعًا: فيه إعادة لشيء من مجد المسلمين التليد, حيث كانت الأندلس محطاً لركائب الراغبين فى تحصيل العلوم, وكان علماء المسلمين منارات يهتدى بها, بينما كانت بلاد النصارى تلبس ثياب الفوضى الخُلُقية والاجتماعية وتعيش في ظلام دامس في المعتقد والسلوك والأخلاق.

خامسًا: وجود صوت الخير فى كل مكان, وهذا بنفسه يسد ثغرةً كبيرةً, إلى غير ذلك من المصالح والإيجابيات.

سادسًا: سَدُّ ما يُعَدُّ من فروض الكفايات لا غنى عنها في حياتهم ومعاشهم, ولئلا يحتاج المسلمون فيها –مضطرين-إلى غيرهم من أهل الكفر والضلال([1]).

ومما ينبغي التنبيه عليه: أن أعداء الإسلام حرصوا على المجالات العلمية والتقدم فيها, وبخاصة الطب, وليس هذا وليد العصر, بل فى القرون السابقة, قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: «لا أعلم علماً بعد الحلال والحرام أنبل من الطب, إلا أن أهل الكتاب غلبونا عليه», وكان رحمه الله تعالى – يتلهف على ما ضيع المسلمون من الطب, ويقول: «ضيعوا ثلث العلم, ووكلوه إلى اليهود والنصارى»([2])

****


وقفة تأمل
أخي المسلم:

لابد أن نقرر أمرًا واقعًا ألا وهو أننا فى زمن الدعوة. النصارى يدعون ويبذلون؛ تراهم فى القارة الأفريقية وأطراف آسيا, وهناك أيضاً لهم باع طويل في أدغال أفريقيا, بل ويبحثون عن المسلمين في بلادهم ومن درس في مدارسهم وجامعاتهم أو تقلب بين ظهرانيهم علم ذلك.

أما اليهود فهم كذلك يدعون, وأصحاب المبادئ الباطلة يعملون! بل حتى أصحاب المنتجات الاستهلاكية الدعوة لها من أوسع الأبواب وأكثرها إنفاقًا عبر مايسمى بالإعلان التجاري.

ولا يختلف اثنان على أن أهم محاضن الدعوة اليوم المدرسة والمستشفى, وقد سعى النصارى خاصة إلى ذلك فأنشأوا المدارس وأقاموا المستشفيات؛ ظاهرها العلم والتمريض وباطنها السم الزعاف, فقد كانت الخدمة الطبية وسيلة للتبشير تحظى دوما بالأولوية فى مهمات المبشرين.

قال ستورم H.Storm أحد قادة الإرساليات: (لقد ثبت أن العمل الطبي هو مفتاح القلوب المغلقة ووسيلة لتوثيق عرى الصداقة وأداة لتحطيم المعارضة).

ولقد كان المبشرون يؤكدون على هذا المدخل كوسيلة رئيسية للتبشير, وأسلوب لكسب قلوب الأهالي وخلق جمهور متعاطف معهم, والأهم من ذلك كله تهيئة الفرصة للتبشير بالإنجيل وقد ذهب صموئيل زويمر إلى القول: (إن جميع العاملين في ميدان التبشير متفقون على أن الطبيب القدير والجراح الماهر يحمل جوازاً يفتح الأبواب المقفلة, ويغزو القلوب مهما كانت عنيدة. إن المستشفيات هي مكان تلتقى فيه الرحمة بالخلق ويتعانق فيه الصلاح والسلام).

بل ويعتقد المبشرون بأن المستشفيات لاتنفصل عن الكنيسة وليست أهمها بل يجب أن تكون امتداداً لها, والمبشرين البروتستانتيون سعوا لاستخدام الوسائل الطبية لكسب غير المسيحيين والنقطة الأساسية فى الجدال هي أن أطباء الإرسالية يعتقدون بأنهم يؤدون واجبهم الدينى عن طريق الخدمات الطبية, لأن هذا النوع من النشاط هو جزء من الخُلق المسيحي واقتداء بسنة المسيح كشافٍ للأمراض, ويعتقد ف. بارني F. Barny بأن المدخل الطبي كان هو العمل الوحيد الممكن للوصول إلى الناس والتأثير عليهم.

ثم تأملوا هذا الخلاف مع الدكتور/ تومس الذي يقول: (إن المستشفى يجب أن يكون مكاناً للتبشير بالإنجيل والشيء الذي كان يقلق المبشرين هو أن بعض أطباء الإرسالية كانوا يعطون العلاج الطبي أهمية أكبر والذي من شأنه أن يؤدي إلى صراع بين الكنيسة والمستشفى وهذا حتما سيؤثر على العمل التبشيري بأكمله).

وأتوقف عند هذه العبارة التي صدرت من أفواههم وتتحدث عن تلك الأعمال والأماكن: «ليست بمستشفيات والمدارس ولكنها معاهد تبشير».

مستشفى طائر للتنصير بتكلفة 25 مليون دولار !!

نشرت الصحف العام الماضي الخبر التالي:

عمَّ الترقب والتلهف حين وصلت الأخبار إلى مدينة حيدر آباد بجنوب الهند قبل شهور بأن "المستشفى الطائر"إحدى معجزات القرن العشرين سيزور المدينة لأسبوعين فى شهر نوفمبر الماضي, وسيعالج الفقراء فقط وسيجري عمليات جراحية للمعدمين الذين لاحظَّ لهم في الحياة.. وكل هذا سيكون مجاناً.. وعلت لافتات كبيرة شوارع المدينة تعلن هذا الحدث العظيم, تدعو الفقراء للتقدم إلى عناوين معينة لتسجيل أسمائهم.

وهكذا حين حطَّ المستشفى الطائر بمطار المدينة كان الجو مشحوناً بالترقب, لدرجة أن كبير وزراء الولاية بنفسه كان في استقبال المستشفى الطائر بالمطار وقام بزيارة أجنحته في شوق ولهفة للتعرف على أحدث الأجهزة والتسهيلات التي يقدمها هذا المستشفى الذي يعتبر أكبر مستشفى طائر في العالم. فقد تم تحويل طائرة لوكهيد من طراز (لـ 1011 -50) إلى طائر !! بإنفاق (25) مليون دولار على هذا المشروع.

ويتدافع الفقراء إلى المدينة للحصول على العلاج المجاني الذي قيل: إنه سيكون ذا مستوى عالمي غير متوفر فى الهند..وسرعان ما انكشف الأمر حين بدأ المرضى يكتشفون بأنفسهم حقيقة هذا العمل الخيري. فكان أول شيء يتعرض له المريض قبل الكشف عليه هو السؤال عن ديانته, ثم يعطى محاضرة لنحو (10) دقائق حول (السيد المسيح) والمسيحية([3]) وضرورة البحث عن الخلاص في رحاب (السيد المسيح) ثم يُعطى كمية من الكتب والنشرات ويطلب منه دراستها والحضور إلى عنوان معين بعد أيام. وكان من أوائل هؤلاء سيدة مسلمة تدعى (سعيدة بي) التي رمت بالكتب وصرخت في وجوههم: إن لها ديانة تؤمن بها وهي جاءت هنا للعلاج, وليس للوعظ والكتب.

وحين علت الصيحات وأخذت الصحف المحلية تكشف حقيقة هذا العمل, خفت نبرة الوعظ وسكتت مكبرات الصوت, ولكن محاولات التنصير لم تنته.

وظهر من تحقيقات الصحافة أن المستشفى الطائر يتبع منظمة تنصيرية تدعى (عملية البركة الدولية) والتي تتبع بدورها منظمة شبكة الإذاعة المسيحية التي يرأسها المنصر المعروف (بات روبرتسون) الذي ينتمي إلى اليمين المتطرف في الولايات المتحدة وسبق أن رشح نفسه في الانتخابات الأمريكية سنة 1987م كما عمل في إدارة الرئيس ريغان سنة 1982م.

ويقال: إن هذا المستشفى الطائر, الذي يزور مناطق كثيرة فى أنحاء العالم, قد عالج حتى الآن (... ،943) مريض, وأجرى أكثر من (... ,19) عملية جراحية. وهو يمكث فى مختلف الأمكنة نحو أسبوع أو عشرة أيام, ويقال أنه أكبر مستشفى جوي في العالم وهو مزود بكل التسهيلات الممكنة للعمليات الجراحية والعلاجية.

انتهى الخبر, والله أعلم كم من مسلم تحول فكره إلى النصرانية؟! وكم من مسلمة أثيرت الشبه فى قلبها عن دين الإسلام؟!

وإتمامًا للأمر وخطورته أذكر الحال فى دولة واحدة هي بنغلادش وكيف هو دور المستشفى فى تغيير معتقدات الناس؟!

ذكرت مجلة البيان: أنه أنشئ مستشفى تنصيري فى عام 1965م في قرية (معلوم جات) في منطقة (شيتا جانغ) في بنغلاديش التي لم يكد يوجد بها نصراني آنذاك, أما الآن فقد بلغ عددهم أربعين ألف نصراني!


منظمة براك

منظمة تنصيرية كندية يتبعها في بنغلاديش أكثر من (...3) مدرسة, وعدد المنظمات في هذا البلد المسلم الفقير (...3) منظمة تنصيرية!

وكان عدد النصارى في دولة بنغلاديش عام 1972م مئتي ألف نسمة وارتفع في عام 1991م أي خلال 19 سنة إلى خمسة ملايين!

وفي هذه السنوات بذلت أموال وجهود مكثفة حتى نالوا ما أرادوا!

نعم ما أرادوا لأنهم بذلوا وعملوا..

***


الإسلام والطب
تكدر خاطر القارئ الكريم بتلك المعلومات التي تحزن ولا تفرح, لكن دعنا ننتقل إلى مراتع الإسلام لنطلق النظر فى تعاليم هذه الشريعة العظيمة وكيف نظرت إلى المرض والصحة من جوانبه العديدة؟

أولاً: طبيعة المرض والصحة في الطب والدين متشابهة, فالمرض يعني استجماع الفضلات واحتباسها في الجسد، ففضلات الطب الجراثيم, والأوبئة المختلفة. وفضلات الدين الشبهات والشهوات باختلاف أنواعها.

والصحة في كلي الأمرين تكون باستفراغ هذه الفضلات وسلامة الجسم منها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- في مجموع الفتاوى المجلد العاشر: «طب الأديان يحذو حذو طب الأبدان».

ثانياً: الاشتراك في التسمية والمنطوق. فالنقص في صحة الجسم يسمى مرضًا والنقص في دين الإنسان يسمى أيضًا مرضًا.

قال الله تعالى-: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضًا﴾[البقره 10].

وقال تعالى: ﴿فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا﴾ [الأحزاب 32], أي مرض الزنا.كما أن اكتمال الصحة يسمى شفاءً وكذلك تقويم نقص الدين يسمى شفاء , قال - صلى الله عليه وسلم - : «ألا سألوا حين جهلوا فإنما شفاء العي السؤال...»

ولذلك سمى عدد من السلف كتبهم التي يناقشون فيها ما يطرأ على دين المرء من العطب من ناحية الشهوة أو الشبة بمسميات تقارب صحة الجسد ككتاب [اعتلال القلوب] للخرائطي و[الداء والدواء] لابن القيم, ورسالة [داء القلوب وشفاؤها] لابن تيمية.

ولهذا فإن من مواصفات الطبيب المسلم ما قاله ابن القيم في كتاب [الطب النبوي] عندما تكلم عن الطبيب الحاذق وذكر أنه يجب أن يُراعي في علاجه عشرين أمرًا كان السابع عشر منها هو كما قال : "أن يكون له خبرة باعتلال القلوب والأرواح وأدويتها ولذلك أصل عظيم في علاج الأبدان فإن انفعال البدن وطبيعته عن القلب والنفس أمر مشهود.

والطبيب إذا كان عارفًا بأمراض القلوب والروح وعلاجها كان هو الطبيب الكامل, والذي لاخبرة له بذلك وإن كان حاذقًا في علاج الطبيعة وأحوال البدن نصف طبيب.

وكل طبيب لايداوي العليل بتفقد قلبه وصلاحه, وتقوية أرواحه وقواه بالصدقة وفعل الخير والإحسان والإقبال على الله والدار الآخرة فليس بطبيب بل متطبب قاصر". .
المزيد..

تعليقات القرّاء:

نبذه عن الكتاب:

فإن من أعظم محاضن الدعوة اليوم: التعليم والتطبيب، وقد أجلب أصحاب الملل الباطلة في هذين المجالين بخيلهم ورجلهم، فانتشرت المدارس النصرانية وكثرت المراكز الطبية التي تقف من خلفها الكنائس والبعثات التنصيرية.

وإسهاماً في الدعوة إلى الله- عز وجل- في هذا المجال الهام أدليت بدلوي رغبة في المشاركة ولو بالقليل.

وبادئ ذي بدء أعتذر فليس الكاتب والقائل كمثل القائم العامل، وليس من يطرح الآراء ويُنظَّر للعمل كمثل من ينفذ ويفعل! لكن فضل الله واسع ويكفي أجر الدلالة على الخير، ومن كرمه وجوده أنه يدخل في السهم الواحد ثلاثة نفر.

أسأل الله- عز وجل- أن يجعلنا ممن يستعملهم فى طاعته ونشر دينه وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -.


 مدخل
إن مما يعين على تحصين الثغور, واتساع رقعة نشر الخير: أن يكون لأهل الخير نصيب من المشاركة في التخصصات العلمية, التي تعود بالنفع على المجتمع والأمة.

وذلك كالطب, والصيدلة, والهندسة, والمحاسبة, وما شاكل ذلك.

فوجود أهل الخير في مثل هذه المناصب والتخصصات, فيه مصالح كثيرة للإسلام والمسلمين, فمن ذلك:

أولاً: توظيف ما يستطاع من هذه التخصصات فى خدمة الإسلام.

ثانيًا: تَمَكن بعض أهل الخير من هذه التخصصات فيه مزاحمة- بل مدافعة- لمن أرادها من أجل الظهور والكسب المادى البحت, أو ممن كان من أهل الشر والفساد وسوء الاعتقاد.

ثالثًا: إظهار أن الإسلام يحث على كل ما فيه مصلحة للناس, وهذه التخصصات لا غنى للمجتمعات عنها- والله تعالى أعلم-.

رابعًا: فيه إعادة لشيء من مجد المسلمين التليد, حيث كانت الأندلس محطاً لركائب الراغبين فى تحصيل العلوم, وكان علماء المسلمين منارات يهتدى بها, بينما كانت بلاد النصارى تلبس ثياب الفوضى الخُلُقية والاجتماعية وتعيش في ظلام دامس في المعتقد والسلوك والأخلاق.     

خامسًا: وجود صوت الخير فى كل مكان, وهذا بنفسه يسد ثغرةً كبيرةً, إلى غير ذلك من المصالح والإيجابيات.

سادسًا: سَدُّ ما يُعَدُّ من فروض الكفايات لا غنى عنها في حياتهم ومعاشهم, ولئلا يحتاج المسلمون فيها –مضطرين-إلى غيرهم من أهل الكفر والضلال([1]).        

ومما ينبغي التنبيه عليه: أن أعداء الإسلام حرصوا على المجالات العلمية والتقدم فيها, وبخاصة الطب, وليس هذا وليد العصر, بل فى القرون السابقة, قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: «لا أعلم علماً بعد الحلال والحرام أنبل من الطب, إلا أن أهل الكتاب غلبونا عليه», وكان رحمه الله تعالى – يتلهف على ما ضيع المسلمون من الطب, ويقول: «ضيعوا ثلث العلم, ووكلوه إلى اليهود والنصارى»([2])

****


 وقفة تأمل
أخي المسلم:

لابد أن نقرر أمرًا واقعًا ألا وهو أننا فى زمن الدعوة. النصارى يدعون ويبذلون؛ تراهم فى القارة الأفريقية وأطراف آسيا, وهناك أيضاً لهم باع طويل في أدغال أفريقيا, بل ويبحثون عن المسلمين في بلادهم ومن درس في مدارسهم وجامعاتهم أو تقلب بين ظهرانيهم علم ذلك.

أما اليهود فهم كذلك يدعون, وأصحاب المبادئ الباطلة يعملون! بل حتى أصحاب المنتجات الاستهلاكية الدعوة لها من أوسع الأبواب وأكثرها إنفاقًا عبر مايسمى بالإعلان التجاري.

ولا يختلف اثنان على أن أهم محاضن الدعوة اليوم المدرسة والمستشفى, وقد سعى النصارى خاصة إلى ذلك فأنشأوا المدارس وأقاموا المستشفيات؛ ظاهرها العلم والتمريض وباطنها السم الزعاف, فقد كانت الخدمة الطبية وسيلة للتبشير تحظى دوما بالأولوية فى مهمات المبشرين.

قال ستورم  H.Storm أحد قادة الإرساليات: (لقد ثبت أن العمل الطبي هو مفتاح القلوب المغلقة ووسيلة لتوثيق عرى الصداقة وأداة لتحطيم المعارضة).

ولقد كان المبشرون يؤكدون على هذا المدخل كوسيلة رئيسية للتبشير, وأسلوب لكسب قلوب الأهالي وخلق جمهور متعاطف معهم, والأهم من ذلك كله تهيئة الفرصة للتبشير بالإنجيل وقد ذهب صموئيل زويمر إلى القول: (إن جميع العاملين في ميدان التبشير متفقون على أن الطبيب القدير والجراح الماهر يحمل جوازاً يفتح الأبواب المقفلة, ويغزو القلوب مهما كانت عنيدة. إن المستشفيات هي مكان تلتقى فيه الرحمة بالخلق ويتعانق فيه الصلاح والسلام).

بل ويعتقد المبشرون بأن المستشفيات لاتنفصل عن الكنيسة وليست أهمها بل يجب أن تكون امتداداً لها, والمبشرين البروتستانتيون سعوا لاستخدام الوسائل الطبية لكسب غير المسيحيين والنقطة الأساسية فى الجدال هي أن أطباء الإرسالية يعتقدون بأنهم يؤدون واجبهم الدينى عن طريق الخدمات الطبية, لأن هذا النوع من النشاط هو جزء من الخُلق المسيحي واقتداء بسنة المسيح كشافٍ للأمراض, ويعتقد ف. بارني F. Barny بأن المدخل الطبي كان هو العمل الوحيد الممكن للوصول إلى الناس والتأثير عليهم.

ثم تأملوا هذا الخلاف مع الدكتور/ تومس الذي يقول: (إن المستشفى يجب أن يكون مكاناً للتبشير بالإنجيل والشيء الذي كان يقلق المبشرين هو أن بعض أطباء الإرسالية كانوا يعطون العلاج الطبي أهمية أكبر والذي من شأنه أن يؤدي إلى صراع بين الكنيسة والمستشفى وهذا حتما سيؤثر على العمل التبشيري بأكمله).

وأتوقف عند هذه العبارة التي صدرت من أفواههم وتتحدث عن تلك الأعمال والأماكن: «ليست بمستشفيات والمدارس ولكنها معاهد تبشير».

مستشفى طائر للتنصير بتكلفة 25 مليون دولار !!

نشرت الصحف العام الماضي الخبر التالي:

عمَّ الترقب والتلهف حين وصلت الأخبار إلى مدينة حيدر آباد بجنوب الهند قبل شهور بأن "المستشفى الطائر"إحدى معجزات القرن العشرين سيزور المدينة لأسبوعين فى شهر نوفمبر الماضي, وسيعالج الفقراء فقط وسيجري عمليات جراحية للمعدمين الذين لاحظَّ لهم في الحياة.. وكل هذا سيكون مجاناً.. وعلت لافتات كبيرة شوارع المدينة تعلن هذا الحدث العظيم, تدعو الفقراء للتقدم إلى عناوين معينة لتسجيل أسمائهم.

وهكذا حين حطَّ المستشفى الطائر بمطار المدينة كان الجو مشحوناً بالترقب, لدرجة أن كبير وزراء الولاية بنفسه كان في استقبال المستشفى الطائر بالمطار وقام بزيارة أجنحته في شوق ولهفة للتعرف على أحدث الأجهزة والتسهيلات التي يقدمها هذا المستشفى الذي يعتبر أكبر مستشفى طائر في العالم. فقد تم تحويل طائرة لوكهيد من طراز (لـ 1011 -50) إلى طائر !! بإنفاق (25) مليون دولار على هذا المشروع.

ويتدافع الفقراء إلى المدينة للحصول على العلاج المجاني الذي قيل: إنه سيكون ذا مستوى عالمي غير متوفر فى الهند..وسرعان ما انكشف الأمر حين بدأ المرضى يكتشفون بأنفسهم حقيقة هذا العمل الخيري. فكان أول شيء يتعرض له المريض قبل الكشف عليه هو السؤال عن ديانته, ثم يعطى محاضرة لنحو (10) دقائق حول (السيد المسيح) والمسيحية([3]) وضرورة البحث عن الخلاص في رحاب (السيد المسيح) ثم يُعطى كمية من الكتب والنشرات ويطلب منه دراستها والحضور إلى عنوان معين بعد أيام. وكان من أوائل هؤلاء سيدة مسلمة تدعى (سعيدة بي) التي رمت بالكتب وصرخت في وجوههم: إن لها ديانة تؤمن بها وهي جاءت هنا للعلاج, وليس للوعظ والكتب.

وحين علت الصيحات وأخذت الصحف المحلية تكشف حقيقة هذا العمل, خفت نبرة الوعظ وسكتت مكبرات الصوت, ولكن محاولات التنصير لم تنته.

وظهر من تحقيقات الصحافة أن المستشفى الطائر يتبع منظمة تنصيرية تدعى (عملية البركة الدولية) والتي تتبع بدورها منظمة شبكة الإذاعة المسيحية التي يرأسها المنصر المعروف (بات روبرتسون) الذي ينتمي إلى اليمين المتطرف في الولايات المتحدة وسبق أن رشح نفسه في الانتخابات الأمريكية سنة 1987م كما عمل في إدارة الرئيس ريغان سنة 1982م.

ويقال: إن هذا المستشفى الطائر, الذي يزور مناطق كثيرة فى أنحاء العالم, قد عالج حتى الآن (... ،943) مريض, وأجرى أكثر من (... ,19) عملية جراحية. وهو يمكث فى مختلف الأمكنة نحو أسبوع أو عشرة أيام, ويقال أنه أكبر مستشفى جوي في العالم وهو مزود بكل التسهيلات الممكنة للعمليات الجراحية والعلاجية.

انتهى الخبر, والله أعلم كم من مسلم تحول فكره إلى النصرانية؟! وكم من مسلمة أثيرت الشبه فى قلبها عن دين الإسلام؟!

وإتمامًا للأمر وخطورته أذكر الحال فى دولة واحدة هي بنغلادش وكيف هو دور المستشفى فى تغيير معتقدات الناس؟!

ذكرت مجلة البيان: أنه أنشئ مستشفى تنصيري فى عام 1965م في قرية (معلوم جات) في منطقة (شيتا جانغ) في بنغلاديش التي لم يكد يوجد بها نصراني آنذاك, أما الآن فقد بلغ عددهم أربعين ألف نصراني!


منظمة براك

منظمة تنصيرية كندية يتبعها في بنغلاديش أكثر من (...3) مدرسة, وعدد المنظمات في هذا البلد المسلم الفقير (...3) منظمة تنصيرية!

وكان عدد النصارى في دولة بنغلاديش عام 1972م مئتي ألف نسمة وارتفع في عام 1991م أي خلال 19 سنة إلى خمسة ملايين!

وفي هذه السنوات بذلت أموال وجهود مكثفة حتى نالوا ما أرادوا!

نعم ما أرادوا لأنهم بذلوا وعملوا..

***


 الإسلام والطب
تكدر خاطر القارئ الكريم بتلك المعلومات التي تحزن ولا تفرح, لكن دعنا ننتقل إلى مراتع الإسلام لنطلق النظر فى تعاليم هذه الشريعة العظيمة وكيف نظرت إلى المرض والصحة من جوانبه العديدة؟

أولاً: طبيعة المرض والصحة في الطب والدين متشابهة, فالمرض يعني استجماع الفضلات واحتباسها في الجسد، ففضلات الطب الجراثيم, والأوبئة المختلفة. وفضلات الدين الشبهات والشهوات باختلاف أنواعها.

 والصحة في كلي الأمرين تكون باستفراغ هذه الفضلات وسلامة الجسم منها.                                                          

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- في مجموع الفتاوى المجلد العاشر: «طب الأديان يحذو حذو طب الأبدان».

ثانياً: الاشتراك في التسمية والمنطوق. فالنقص في صحة الجسم يسمى مرضًا والنقص في دين الإنسان يسمى أيضًا مرضًا.

قال الله تعالى-: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضًا﴾[البقره 10].

وقال تعالى: ﴿فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا﴾ [الأحزاب 32], أي مرض الزنا.كما أن اكتمال الصحة يسمى شفاءً وكذلك تقويم نقص الدين يسمى شفاء , قال - صلى الله عليه وسلم - : «ألا سألوا حين جهلوا فإنما شفاء العي السؤال...»

ولذلك سمى عدد من السلف كتبهم التي يناقشون فيها ما يطرأ على دين المرء من العطب من ناحية الشهوة أو الشبة بمسميات تقارب صحة الجسد ككتاب [اعتلال القلوب] للخرائطي و[الداء والدواء] لابن القيم, ورسالة [داء القلوب وشفاؤها] لابن تيمية.

ولهذا فإن من مواصفات الطبيب المسلم ما قاله ابن القيم في كتاب [الطب النبوي] عندما تكلم عن الطبيب الحاذق وذكر أنه يجب أن يُراعي في علاجه عشرين أمرًا كان السابع عشر منها هو كما قال : "أن يكون له خبرة باعتلال القلوب والأرواح وأدويتها ولذلك أصل عظيم في علاج الأبدان فإن انفعال البدن وطبيعته عن القلب والنفس أمر مشهود.

والطبيب إذا كان عارفًا بأمراض القلوب والروح وعلاجها كان هو الطبيب الكامل, والذي لاخبرة له بذلك وإن كان حاذقًا في علاج الطبيعة وأحوال البدن نصف طبيب.

وكل طبيب لايداوي العليل بتفقد قلبه وصلاحه, وتقوية أرواحه وقواه بالصدقة وفعل الخير والإحسان والإقبال على الله والدار الآخرة فليس بطبيب بل متطبب قاصر". 

معنى الاسلام
ما هو الاسلام
ما هو الاسلام الصحيح
معلومات عن الاسلام
شرح تعريف الاسلام
بحث عن الدين الاسلامي
تعريف الاسلام للاطفال
موقع الاسلام

مفهوم الدين pdf
معنى الدين
الدين الاسلامي
الدين المال
تعريف الدين الحق
بحث عن الدين
ما هو الدين الحقيقي في العالم
المعتقدات الدينية الاسلامية



حجم الكتاب عند التحميل : 495.4 كيلوبايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة رسائل دعوية إلى العاملين في مجال الصحة والطب

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل رسائل دعوية إلى العاملين في مجال الصحة والطب
شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
عبد الملك القاسم - Abd El Malik Al Qasim

كتب عبد الملك القاسم داعية إسلامي ، له العديد من الكتيبات والمطويات الدينية ، ولعل من أبرزها وأقدمها الزمن القادم . صاحب دار القاسم للنشر والتوزيع ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ تفسير القرآن العظيم: جزء عم ❝ ❞ الزمن القادم (3) مجموعة قصص ❝ ❞ يا أبي زوجني ❝ ❞ الرزق أبوابه ومفاتحه ❝ ❞ دروس عشر ذي الحجة ❝ ❞ تمشي على استحياء ❝ ❞ 40 قاعدة في حل المشاكل ❝ ❞ أين نحن من هؤلاء ؟! ❝ ❞ يوم في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم ❝ الناشرين : ❞ موقع دار الإسلام ❝ ❞ دار الإسلام للنشر والتوزيع ❝ ❞ دار القاسم للنشر والتوزيع ❝ ❱. المزيد..

كتب عبد الملك القاسم